كارين ساك : استراتيجية لتعزيز المرونة الساحلية في مواجهة التغير المناخي

كارين ساك : استراتيجية لتعزيز المرونة الساحلية في مواجهة التغير المناخي

- ‎فيمقالات رأي دولية, واجهة
28
0
كارين ساك
إكسبريس تيفي

بقلم كارين ساك : المديرة التنفيذية لتحالف عمل المخاطر والمرونة البحرية

يعيش حوالي 40% من سكان العالم في المناطق الساحلية. بالإضافة إلى كونها موطنا لـ 12 من أكبر 15 مدينة في العالم، تعتبر هذه المناطق شريان حياة أساسي للعديد من القرى والمدن الصغيرة. ومع مرور حوالي 80% من التجارة الدولية عبر الموانئ البحرية، تلعب المناطق الساحلية أيضا دورا اقتصاديا كبيرا، حيث تمثل 60-70% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمعدل مقلق، تجد المجتمعات الساحلية نفسها في صميم أزمات المناخ والتنوع البيولوجي. ففي العام الماضي فقط، تعرضت منطقة البحر الكاريبي وساحل الخليج الأمريكي لإعصارات بيرل وهيلين وميلتون، بينما أودى إعصار دانيل بحياة الآلاف في ليبيا، مما يبرز زيادة هشاشة أولئك الذين يعيشون على شواطئ العالم.

ومع تصاعد أزمة المناخ، تزداد التهديدات الناتجة عن ارتفاع مستويات البحار وحرارة المحيطات الحمضية. تتفاقم هذه المخاطر بسبب تدمير المواطن البحرية، والإفراط في الصيد، والتلوث، مما يؤثر سلبا على صحة وتنوع النظم البيئية البحرية. ومن المتوقع أن يؤدي فقدان أشجار المانغروف والشعاب المرجانية إلى خسائر اقتصادية ضخمة ويؤدي إلى تهجير العديد من المجتمعات الساحلية، خاصة في الدول النامية ذات الجزر الصغيرة حيث يرتبط كل جانب من جوانب الحياة بالبحر.

نظرا لأهمية القضية، فإن تعزيز مرونة المجتمعات الساحلية وحماية حياة سكانها وسبل عيشهم واقتصاداتهم ليس مجرد أولوية إقليمية أو وطنية، بل هو ضرورة عالمية. لتحقيق ذلك، سيتطلب الأمر جهدا منسقا من القطاعين العام والخاص، ولا سيما المؤسسات المالية القادرة على توليد الاستثمارات اللازمة لدعم الحلول المستدامة على المدى الطويل.

في هذا السياق، تستكشف مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي طرقا لتعزيز الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لعام 2022، الذي يهدف إلى حماية 30% من جميع الأراضي والمحيطات بحلول عام 2030. سيركز مؤتمر الأمم المتحدة المقبل لتغير المناخ (COP29) في أذربيجان على تمويل الحلول. كما يمكن أن يساعد مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات العام المقبل، إلى جانب المنتدى الأول للاقتصاد الأزرق والتمويل، في تحفيز العمل المنسق العاجل اللازم لحماية أكثر النظم البيئية هشاشة على كوكبنا.

ومن المشجع أن المؤسسات المالية الخاصة بدأت أيضا تدرك الحاجة إلى تعزيز المرونة المناخية. حيث تم إصدار ما يقارب تريليون دولار من السندات الخضراء والاجتماعية والسندات المرتبطة بالاستدامة في عام 2023، مما يعكس اهتمام المستثمرين المتزايد بالمشاريع المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. لكن الاستثمار في تجديد المحيطات والمرونة الساحلية لا يزال أقل بكثير من مئات المليارات من الدولارات المطلوبة سنويا لحماية المجتمعات والمدن الهشة.

بينما يعتبر سد فجوة التمويل هذه أمرا بالغ الأهمية، فإن الانخراط مع المجتمعات المحلية لا يقل أهمية. من خلال دمج وجهات نظر الشعوب الأصلية، يمكن لصانعي السياسات وضع تدابير تحمي الطبيعة وتعزز التنمية المستدامة، وتضمن أن الاستثمارات في البنية التحتية ومرونة المجتمع تكون عادلة وفعالة.

ستكون الشراكات عبر القطاعات مفتاحًا لبناء مجموعة من المشاريع القابلة للاستثمار. يسعى تحالف عمل المخاطر والمرونة البحرية (ORRAA)، الذي أعمل كمديرة تنفيذية فيه، إلى تعبئة التمويل لمرونة المحيطات. من خلال العمل مع الشركاء الملتزمين، نهدف إلى تجهيز المصرفيين وشركات التأمين بالأدوات اللازمة لاحتساب قيمة الأصول الطبيعية في ميزانياتهم العمومية، مع الاستفادة من عبقرية وروح المبادرة لدى القادة المحليين، العديد منهم من النساء.

لا شك أن هناك الكثير الذي يجب القيام به. لبناء مجتمعات ساحلية مرنة حقا، يجب أن تؤخذ المخاطر المناخية بعين الاعتبار في كل مشروع بنية تحتية، أو اقتراح سياسة، أو قرار استثماري يؤثر على المناطق المعرضة للمناخ. علاوة على ذلك، من خلال تعزيز الحلول المعتمدة على الطبيعة، مثل استعادة أشجار المانغروف والشعاب المرجانية، يمكن لصانعي السياسات تعزيز الدفاعات الطبيعية ضد العواصف والتآكل مع دعم التنوع البيولوجي والاقتصادات المحلية. ستكون المبادرات مثل مؤشر المخاطر الساحلية – وهي منصة تفاعلية تستخدم البيانات لمساعدة المستثمرين وشركات التأمين وصانعي السياسات على تقييم المخاطر الساحلية – ضرورية لهذا الجهد.

نظرًا لأن التمويل العام وحده لا يمكنه توليد رأس المال اللازم لحماية المجتمعات الساحلية، فإن التعاون الأكبر بين القطاعين العام والخاص سيكون ضروريا لسد فجوة التمويل الحالية. سيتطلب ذلك تطوير أدوات مالية مبتكرة لتقليل المخاطر وتحفيز المشاركة من القطاع الخاص. مع وضع ذلك في الاعتبار، تعاونت ORRAA مع مجموعة ضمان التنمية، وهي جهة ضامنة تدعم مشاريع التكيف والتخفيف من آثار المناخ، لإنشاء آلية تهدف إلى تقليل المخاطر للاستثمارات المستدامة في قطاعات “الاقتصاد الأزرق”.

يقدم مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات العام المقبل في فرنسا ومنتدى الاقتصاد الأزرق والتمويل في موناكو فرصة فريدة لتوحيد هذه الجهود المتنوعة. من خلال جمع قادة الأعمال وصانعي السياسات، يمكن أن تفتح هذه الاجتماعات تمويلا واسع النطاق للحفاظ على المحيطات والمرونة، مما يضمن أن تستفيد المجتمعات الساحلية من نهج شامل ومستدام لمواجهة التحديات المعقدة التي تطرحها أزمة المناخ.

لكن للاستفادة من هذه الفرصة، يجب على المستثمرين وصانعي السياسات والقادة المحليين تنسيق جهودهم. من خلال اتخاذ إجراءات مناخية حاسمة ومنسقة، يمكننا توجيه الاستثمارات المستهدفة نحو مرونة المحيطات وضمان مستقبل مستدام للمجتمعات الساحلية – وللاقتصاد العالمي الذي يعتمد عليها.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *