بقلم جيرنوت واغنر : اقتصادي متخصص في المناخ في كلية إدارة الأعمال بجامعة كولومبيا
فوز ترامب في الانتخابات قد يكون له تأثيرات سلبية كبيرة على سياسات المناخ والبيئة، خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي الكبير الذي يميز هذه السياسات. في الشق الاقتصادي، فوز ترامب على كامالا هاريس قد وضح بالفعل الاتجاهات المتوقعة، حيث شهدت أسواق الأسهم الأمريكية والعوائد على السندات الحكومية قفزات كبيرة في اليوم التالي للانتخابات، مما يعكس توقعات بنمو اقتصادي قوي، لكن أيضاً بارتفاع الديون والتضخم.
أما في ما يتعلق بالمناخ، فإن ولاية ثانية لترامب ستكون بمثابة ضربة للسياسات البيئية في الولايات المتحدة، خاصة مع محاولاته العديدة لوقف التوجهات التكنولوجية والاقتصادية العالمية نحو حلول أكثر استدامة. على سبيل المثال، في مجال السيارات الكهربائية، ترامب يعتبر نفسه مدافعًا عن محركات الاحتراق الداخلي، ويخطط لإلغاء قوانين انبعاثات العوادم منذ “اليوم الأول” لفترة رئاسته الثانية. رغم أن هذا القرار قد يطيل عمر صناعة السيارات التقليدية، إلا أن تزايد شعبية السيارات الكهربائية مثل “تسلا” يشير إلى اتجاه عالمي لا يمكن وقف تقدمه بسهولة.
إلى جانب ذلك، تواصل السيارات الكهربائية إثبات تفوقها التكنولوجي على السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري. فهي أكثر كفاءة بكثير، حيث تحول 90% من طاقتها إلى مسافة سفر مقارنة بـ 20% فقط للسيارات التي تعمل بالبنزين. حتى محطات الطاقة التي تعتمد على الفحم أكثر كفاءة من محركات الاحتراق الداخلي. في ولاية ويست فيرجينيا، على سبيل المثال، يساهم استخدام السيارة الكهربائية في تقليص انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 30%.
ومع ذلك، ورغم أن الجهود التي يبذلها ترامب لوقف التحول نحو السيارات الكهربائية قد تكون غير فعالة في النهاية، إلا أنه قد يتسبب في أضرار كبيرة على المدى القصير، خاصة في ما يتعلق بتنافسية الولايات المتحدة في سوق السيارات العالمي، التي تواجه بالفعل تحديات كبيرة من دول مثل الصين.
في مجال الطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية والرياح، تهيمن الصين بشكل كبير على السوق العالمي. على الرغم من محاولات إدارة بايدن لإعادة بعض سلاسل الإمداد الخاصة بالطاقة المتجددة إلى داخل الولايات المتحدة، من خلال تشجيع التصنيع المحلي، فإن فوز ترامب قد يعني استمرار الاعتماد على الصين، ولن يكون له تأثير كبير في تقليص تقدم هذه التقنيات على المستوى العالمي.
على صعيد الطاقة المتجددة، قد يحاول ترامب تعطيل مشاريع طاقة الرياح البحرية، بل ويعطل أيضًا ربط مصادر الطاقة المتجددة بالشبكة الوطنية. لكنه لن يستطيع إيقاف هذا التحول التكنولوجي الذي لا مفر منه. في فترة رئاسته الأولى، فشل في إحياء قطاع الفحم، وهو ما يعكس واقعًا اقتصاديًا أوسع يشير إلى أن التحول نحو الطاقة النظيفة سيستمر سواء كان ترامب في السلطة أم لا.
بالتأكيد، ترامب قد يلحق أضرارًا بالصحة العامة من خلال تقليص اللوائح البيئية، كما فعل خلال فترته السابقة، حيث ألغى أكثر من 125 لائحة بيئية. إلا أن إدارة بايدن قد قامت بإصلاح جزء من هذه الأضرار، بل وتجاوزت ذلك، بإطلاق سياسات طموحة تعزز من صناعة التقنيات الخضراء في الولايات المتحدة، من خلال تشريعات مثل “قانون خفض التضخم”.
باختصار، فوز ترامب قد يعطل بعض تقدم الولايات المتحدة في مجال الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الخضراء، لكنه لن يوقف الاتجاه العام نحو التحول البيئي والتكنولوجي على مستوى العالم.