أوهام الإطاحة بالمخابرات المغربية في مخيلة مثيري الفتنة

أوهام الإطاحة بالمخابرات المغربية في مخيلة مثيري الفتنة

- ‎فيشن طن, واجهة
المخابرات المغربية
إكسبريس تيفي

بقبم نجيبة جلال

في الآونة الأخيرة، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي منابر لحملات متعمدة تسعى إلى تشويه الواقع المغربي من خلال إسقاط وقائع تاريخية مصرية على المغرب ومحاولة ترويج سيناريوهات بعيدة كل البعد عن واقع الحكم في المملكة المغربية. هذه الحملات تستهدف إثارة الفتن بين مكونات الدولة المغربية وزعزعة استقرارها، معتمدة على ادعاءات كاذبة ومضللة تُنسَج بعناية لتستقطب الأغبياء الذين ينساقون وراءها دون تفكير أو تدقيق.

من الواضح أن هناك تنسيقًا محكمًا بين “مرتزقة اليوتوب” في الداخل والخارج، حيث تُظهر الأحداث الأخيرة أن العديد من التنظيمات الحقوقية والأذرع الإعلامية داخل البلاد تشارك في حلم اختراق الأوساط العليا وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة. هذه المحاولات تأتي في سياق حملة مغرضة لاستهداف المؤسسة الأمنية، سواء الداخلية أو الخارجية، في المغرب.

وبعد العفو الملكي الذي شمل صحافيين، تصاعدت أصوات تُلمح إلى أن هذا العفو يُعبّر عن عدم رضا الملك عن “المخزن”، وهي مقولة لا تعتمد على أي أساس سوى التلاعب بالوقائع وتشويه الحقائق. في هذا السياق، خرجت شخصيات مثل محمد حاجب وعلي المرابط، ممن يروجون لـ”ثورة ضد المخزن”، مستندين إلى قصص من ماضي المخابرات المصرية، حيث استلهموا من قصة انحراف صلاح نصر وأعوانه، وأعادوا إنتاجها في سياق مغربي لا يمت للمغرب بأي صلة.

فمثلا، عندما تحاول بعض الجهات، في إطار حملاتها المغرضة، اتهام الأجهزة الأمنية المغربية بفبركة ملفات وتلفيق تهم دون أدلة، فإنها تستهدف بالأساس رموزا أمنية بارزة مثل عبد اللطيف الحموشي، رئيس المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وياسين المنصوري، رئيس المخابرات الخارجية، وفؤاد علي الهمة، مستشار الملك. هذه الحملات لم تتوقف عند هذا الحد، بل تروج أيضا لمزاعم باطلة تربط بين هؤلاء المسؤولين وبين شبكات المخدرات وملفات الفساد. هذه الادعاءات، التي يروج لها أشخاص مثل علي لمرابط ومحمد حاجب وزكرياء المومني، لا تسعى إلا لتشويه سمعة الأجهزة الأمنية المغربية، وبث الشك في نفوس المواطنين، والتشكيك في نزاهة المؤسسات الأمنية التي تعمل تحت توجيهات ملكية واضحة ومحددة لخدمة استقرار الوطن وأمنه. إنها محاولات بائسة لتكرار سيناريوهات لا تنتمي لتاريخ المغرب ولا يمكن أن تجد لها مكانا في نظام ملكي راسخ ومؤسسات أمنية قوية ومتينة.

إن قراءة التاريخ ليست كالاستماع إلى الشائعات، فالتاريخ يعلمنا دروسا لا يمكن نسيانها بسهولة. لهذا تجدوننا نقف في الكثير من حلقاتنا في برنامج “شن طن” على أحداث تاريخية لاستخلاص العبر منها لعل البعض يعتبرون، وعلى ما يبدو أن الرقاص ومن يحميه قد استلهموا من قصة صلاح نصر، رئيس المخابرات العامة المصرية الشهير، الذي ترك وراءه إرثا من الجدل والانتهاكات في فترة الستينات. إلا أن هذه القصة، كما يستغلها متاجرو الحقوق، تستخدم بشكل انتقائي ومحرف لخدمة أجنداتهم.

المشكلة تتفاقم عندما تستغل قصص مثل انحراف المخابرات المصرية في حملات إعلامية مسعورة تستهدف المخابرات المغربية. هؤلاء لا يدركون أو ربما يتجاهلون، عمدا، أن هناك فرقا شاسعا بين السياقين التاريخيين والسياسيين لمصر والمغرب. فمن يروج لانحرافات مزعومة داخل المخابرات المغربية ويحاول ربط شخصيات وطنية بملفات فساد، هو بلا شك يحاول إعادة إنتاج قصة مصرية في سياق مغربي لا يتطابق معها بأي شكل.

وفي الحقيقة، فإن محاولة الإطاحة بالمخابرات المغربية، سواء الداخلية أو الخارجية، تعد فانتازما كبيرا في عقول صناع الفتنة، الذين لا يقرأون ولا يفهمون تاريخ المملكة المغربية ولا يدركون تعقيداتها السياسية والاجتماعية. المغرب يعيش في ظل نظام ملكي مستقر، وليس هناك مكان لسيناريو “الرجل الثاني في الأنظمة العربية” لأن “المخزن” في المغرب ليس شخصا، بل هو مؤسسة عريقة تمثل الدولة المغربية بكافة مكوناتها.

ينبغي أن نتذكر أن التاريخ يعيد نفسه بشكل مأساوي أحيانا، لكن على أولئك الذين يحاولون إعادة إنتاج فصول من تاريخ مصر في سياق مغربي أن يعلموا أنهم يخوضون معركة خاسرة. إن المغرب، بمؤسساته الراسخة وتاريخه العريق، لا يمكن أن يختزل في قصص تروى بشكل مغرض ومحرف.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *