حربائية المهداوي بين الانتصار لخطاب العسكر الجزائري والوطنية الزائفة

حربائية المهداوي بين الانتصار لخطاب العسكر الجزائري والوطنية الزائفة

- ‎فيشن طن, رأي, واجهة
حميد المهداوي
إكسبريس تيفي

نجيبة جلال

انكشف القناع وتبين الخداع. لقد اتضحت معالم خطاب الزميل حميد المهداوي أكثر من ذي قبل. فأسطوانة النضال ضد الفساد التي طالما تغنى بها، بانت للجميع مشروخة، وتبين أن غايتها الحقيقية لم تكن سوى إثارة الفوضى. زميلنا لم يعد يخفي انحيازه للجزائر وتبنيه لخطابها الفارغ، فحميد الذي سبق وأن طالب المغرب بالخضوع لإيران – المحرك الرئيسي لمؤامرات الجزائر والداعم لها – هو نفسه من أشاد بالجيش الجزائري واعتبره الأقوى في أفريقيا، هو نفسه من ينتصر لها في قضية “الحريك الجماعي”.

لم يفوت زميلنا حميد المهداوي الفرصة هذه المرة للاستغلال السياسي لقضية الشباب والأطفال المغرر بهم فيما بات يعرف بـ “الهجرة الجماعية غير الشرعية”. أظهر تأثرا مصطنعا يخفي وراءه وجها يبتهج بما يحدث، وكأنه ينتصر أخيرا على استقرار وطن حاول مرارا زعزعته دون جدوى. المهداوي، وكعادته، استخدم أسلوب التلميح غير المباشر، حيث بث عبر قناته على يوتيوب فيديو يتضمن دعوة مبطنة للنزول إلى الشارع. ورغم إخفائه تاريخ هذه الدعوة، إلا أنه حث الناس بطريقة غير مباشرة على البحث عنها، علما أن هذه الدعوة انطلقت من صفحات جزائرية في نفس اليوم.

وجه المهداوي انتقاداته لرئيس الحكومة وحمله مسؤولية ما وصفه بمحاولة هروب جماعي للمواطنين من المغرب، وقال متهكما لإبعاد الشبهة عن الجزائر: “قولوا ثاني إن الجزائر هي السبب”. بل ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله: “إن دعوة للهجرة الجماعية لو كانت في دول أخرى مثل الجزائر لما استجاب لها المواطنون”، مشيرا إلى أن الوضع هناك أفضل من الوضع في المغرب. شبه المغرب بـ “التبن اليابس” القابل للاشتعال بسرعة، في حين وصف الجزائر وباقي الدول بـ “التبن المبلل” غير القابل للاشتعال، متجاهلا أن “التبن” اليابس أكثر قيمة وفائدة من “التبن” المبلل الذي لا نفع له.

استشهد زميلنا بشهادة قاصر من مدينة الحسيمة يتحدث فيها عن هوسه بالحلم الأوروبي، مدعيا أن المغرب ليس دولة حق أو قانون. حاول المهداوي ربط هذه الشهادة بتجربته الشخصية في السجن، ناسجا قصة غير متناسقة عن شاب توفي بسبب الإهمال في العشرينات من عمره، زاعما أنه حبس عشرين مرة. هذا الادعاء يبدو غير منطقي، إذ كيف يمكن لشاب في مقتبل العمر أن يحقق هذا العدد من الاعتقالات؟، كما ادعى المهداوي أن الصحافة في المغرب ممنوعة من تصوير الواقعة، متجاهلا أنه يستعين بما صورته وسائل إعلام أخرى من عين المكان بكل حرية وبدون أي قيد.

استعان المهداوي ايضا بتصريح لشابة جزائرية تقيم في مدينة وجدة، معروفة بـ “السعاية الالكترونية” على تطبيق “تيك توك”. تظهر الشابة بمظهر عصري وتحمل هاتفا ذكيا متطورا من نوع “ايفون”، لكنها تدعي أنها تأكل هي وابنها الخبز المبلل، وهو ادعاء لم يدعيه حتى سكان المناطق النائية المغرب. أدت الشابة دورها الدرامي بإتقان، متناقضة في تصريحاتها، تارة تقول إنها مطلقة وتارة أخرى تدعي أن ابنها يتيم. لكن زميلنا حميد أبدى تعاطفا زائفا دون الإشارة إلى أصلها الجزائري.

إن هذا النمط من الخطاب الذي يتبناه حميد المهداوي وأمثاله يعكس محاولة يائسة لزعزعة استقرار الوطن وبث الفتنة بين أبنائه. يجب على المواطنين التحلي باليقظة والوعي تجاه مثل هذه الممارسات التضليلية التي تهدف إلى تشويه صورة الوطن وإضعاف لحمته الداخلية. إن التحديات التي تواجه المغرب، كغيره من الدول، لا تحل بالتحريض أو نشر الأكاذيب، بل بالعمل الجاد والبناء والحوار المسؤول بين جميع مكونات المجتمع. فلنكن جميعا حراسا أمناء على وحدة وطننا واستقراره، متصدين لكل محاولات التشويه والتضليل.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *