قراءة متأنية في أحداث الفنيدق كيف تعامل المغرب مع التدفق الاستثنائي للمهاجرين السريين؟

قراءة متأنية في أحداث الفنيدق كيف تعامل المغرب مع التدفق الاستثنائي للمهاجرين السريين؟

- ‎فيشن طن, رأي, واجهة
كرواتيا اليونان
إكسبريس تيفي

نجيبة جلال

لقد شهدنا منذ ليلة الأمس حملة غير بريئة هدفها تشويه صورة المغرب دوليا من خلال نشر صور وادعاءات حول تعذيب مهاجرين سريين في منطقة الفنيدق. ولكن دعونا نضع الأمور في نصابها الصحيح. ما واجهته قوات الأمن المغربية كان حدثا استثنائيا تمثل في تدفق أعداد هائلة من الشباب المغرر بهم، محاولين اقتحام حدود مدينة سبتة المحتلة، مما تطلب استجابة سريعة وحازمة لحماية الحدود الوطنية والحفاظ على النظام العام.

من المهم أن نؤكد أن الجميع يدرك أن هذا الحشد البشري الاستثنائي لم يكن مسالما أثناء تدخل قوات الأمن، التي سقط من صفوفها عدة جرحى. فهناك مقاطع فيديو تبين لجوء بعض الشباب الى المواجهة مع عناصر الأمن والقوات المساعدة عبر الرمي بالحجارة، كما أن الصور المتداولة لم تلتقطها جهات رسمية، ويبدو أنها نشرت من قبل أشخاص يسعون لإثارة البلبلة وتأجيج الوضع. ولا بد من التأكيد أنه لا توجد أي صور أو أدلة على معاملة عنيفة للمهاجرين من قبل القوات العمومية. بل على العكس، تظهر صور عديدة أن عمليات الاعتقال تمت بضبط النفس.

وإذا افترضنا أن الصور المنشورة حقيقية رغم أنها لا تبدو كذلك، فإن مسألة عري بعض المعتقلين، فإنه يفسر باعتراضهم في البحر أو عند خروجهم منه، والدليل على ذلك من خلال الصور هو الأرضية المبللة بجانبهم عليها اثر الجلوس. علاوة على ذلك، فإن الصور بجوار مركبات القوات المساعدة لا تظهر أي علامات للعنف. وهناك صورة أخرى تحتوي على أثر تعذيب بعض الشباب لا يبدو أن لها علاقة بالمغرب.

ولنضع الأمور في سياقها الدولي. وعلى الرغم من الموقع الجغرافي للمغرب الذي يجعل الدولة في مواجهة دائمة مع المهاجرين غير الشرعيين خصوصا من إفريقيا جنوب الصحراء وسوريا، يجب الإقرار بأن المغرب ليس استثناء في التعامل مع تدفقات الهجرة، ولا قوات أمنه كذلك. ففي أوروبا، التي يتطلع إليها الكثيرون كنموذج لحقوق الإنسان، نشهد ممارسات أكثر قسوة في التعامل مع المهاجرين. فعلى سبيل المثال، لا تزال شرطة الحدود الكرواتية والهنغارية تمارس شتى أنواع العنف ضد المهاجرين الراغبين في العبور إلى أوروبا. وتشير التقارير إلى أن نسبة نجاح المهاجرين في اجتياز هذه الحدود لا تتجاوز 12% من إجمالي المحاولات، مع ما يصاحب ذلك من مخاطر جسيمة قد تودي بحياتهم.

jjjWhatsApp Image 2024 09 17 at 14.56.09

وليست كرواتيا وحدها في هذا المضمار. ففي نوفمبر 2019، شهدنا كيف تعاملت اليونان مع المهاجرين غير النظاميين بطريقة لا إنسانية، حيث قامت بإعادتهم قسرا إلى تركيا، في خرق واضح للاتفاقيات الدولية. وقد روى أحد المهاجرين الباكستانيين كيف قام الجنود اليونانيون بضربهم ومصادرة هواتفهم وأموالهم، قبل إلقائهم في نهر مريج الحدودي.

WhatsApp Image 2024 09 17 at 14.56.09 2WhatsApp Image 2024 09 17 at 14.56.08

في ضوء هذه الممارسات الدولية، يتضح أن المغرب يتعامل مع قضية الهجرة غير النظامية بشكل أكثر إنسانية وفعالية. فبدلا من اللجوء إلى العنف المفرط أو الإعادة القسرية، تسعى السلطات المغربية إلى إدارة الوضع بحزم مع الحفاظ على كرامة المهاجرين. ويكفي الاطلاع على الصور المنتشرة عبر الإنترنت حول تصرف قوات الأمن في دول أخرى، خاصة الأوروبية، لندرك أن رد قوات الأمن المغربية كان صائبا ومهنيا وفعالا للغاية.

وفي ذات السياق، أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان عن فتح تحقيق قضائي في هذا الشأن، بهدف التحقق من صحة الصور وفحص خلفيات نشرها، وقد تم تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإجراء التحقيقات اللازمة لتوضيح ملابسات الواقعة. ويأتي هذا القرار في إطار جهود النيابة العامة لضمان نزاهة التحقيق وكشف التفاصيل المتعلقة بالقضية، وأفاد البلاغ الصادر عن الوكيل العام للملك أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بناء على نتائج التحقيق. كما سيتم إبلاغ الرأي العام بالنتائج النهائية للأبحاث بعد انتهاء التحقيق.

إن ما نشهده من محاولات لتشويه صورة المغرب ليس سوى محاولة يائسة لصرف الانتباه عن الجهود الحقيقية التي تبذلها المملكة في مجال إدارة الهجرة. فالمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اتخذ نهجا شاملا في التعامل مع قضية الهجرة، يجمع بين حماية الحدود الوطنية وضمان حقوق المهاجرين.

من الضروري أن ندرك أن التحديات التي يواجهها المغرب في مجال الهجرة هي جزء من مشكلة عالمية أوسع. وبدلا من توجيه الاتهامات الزائفة، ينبغي على المجتمع الدولي أن يتعاون بشكل أوثق لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، وتطوير آليات أكثر فعالية وإنسانية للتعامل مع هذه الظاهرة. فالمغرب، بسياساته المتوازنة وجهوده المستمرة، يقدم نموذجا يحتذى به في التعامل مع هذه القضية المعقدة، ويستحق الإشادة والدعم بدلا من النقد غير المبرر.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *