الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تنحرف عن رسالتها في قضية الفنيدق

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تنحرف عن رسالتها في قضية الفنيدق

- ‎فيشن طن, رأي, واجهة
الفنيدق الهجرة 22
إكسبريس تيفي

من المفارقات المؤسفة أن نشهد اختراق المجال الحقوقي من قبل أشخاص لا يفقهون في الحقوق شيئا، ولا يتقنون حتى صياغة البيانات والبلاغات، حتى باتت تكتب كالتدوينات الشخصية. في هذا السياق، أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع الناظور) بيانا مثيرا للاستغراب، كشف عن خلل جوهري في منهجية عمل هذه المنظمة الحقوقية.

يأتي هذا البيان على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة الفنيدق، حيث انتشرت صور لشباب في وضعية مثيرة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.

بدلا من التزام الحياد والموضوعية المفترضة في عمل المنظمات الحقوقية، اختارت الجمعية تبني موقف متسرع ومشكوك في مصداقيته. فقد لجأت إلى أسلوب مغالط في الاستدلال، حيث استحضرت واقعة قديمة تعود إلى عام 2021، في محاولة غير منطقية لربطها بالأحداث الراهنة. هذا النهج يتنافى مع أبسط مبادئ العمل الحقوقي الرصين، ويكشف عن تجاهل واضح لأساسيات التحقيق والتقصي المهني. إن هذا الأسلوب في التعامل مع القضايا الحساسة يثير تساؤلات جدية حول مدى التزام الجمعية بالمعايير الأخلاقية والمهنية المتعارف عليها في مجال حقوق الإنسان.

ما يثير الاستغراب أكثر هو افتراض الجمعية مسبقا صحة الادعاءات المتعلقة بتعرض الشباب للتعذيب، دون انتظار نتائج التحقيقات الرسمية أو حتى الدعوة إلى إجرائها. هذا الموقف يتنافى بشكل صارخ مع مبدأ افتراض البراءة ويضع علامات استفهام كبيرة حول حيادية الجمعية ومصداقيتها.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تجاوزه إلى استخدام لغة غير مهنية في صياغة البيان، حيث وردت مصطلحات عامية مثل “البحلاسة”، وهو ما لا يتناسب مطلقا مع المعايير المتوقعة من منظمة تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان. كما أن صياغة البيان بضمير المتكلم تشير بوضوح إلى غياب العمل المؤسسي وطغيان الطابع الشخصي في إعداده.

هذا النهج المتسرع والمتحيز يكشف عن أزمة عميقة في أولويات الجمعية. فبدلا من السعي الحثيث لكشف الحقيقة وحماية حقوق الإنسان، يبدو أن الجمعية منشغلة بتأكيد صحة مواقفها السابقة، حتى لو كان ذلك على حساب الموضوعية والمهنية. هذا السلوك يقترب من ممارسة نوع من “البروباغندا” التي تخدم أجندة خاصة بدلاً من خدمة قضية حقوق الإنسان.

إن هذا التصرف يضع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في موقف حرج، ويثير تساؤلات جدية حول قدرتها على الاستمرار في أداء دورها كمدافع نزيه وموثوق عن حقوق الإنسان. فالعمل الحقوقي يتطلب درجة عالية من الحياد والموضوعية والالتزام بالحقائق، وهي صفات تبدو غائبة في هذا البيان المثير للجدل.

في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الملح: هل فقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بوصلتها الأخلاقية في خضم الصراعات السياسية والشخصية؟ وهل لا تزال قادرة على استعادة مصداقيتها وثقة الجمهور في عملها؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد بلا شك مستقبل هذه المنظمة ودورها في المشهد الحقوقي المغربي، وستكون محك اختبار حقيقي لمدى التزامها بالمبادئ السامية لحقوق الإنسان التي تدعي الدفاع عنها.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *