إعادة فتح الملفات القضائيةـ منهجية خفية تستهدف التأثير على الرأي العام وزعزعة الاستقرار

إعادة فتح الملفات القضائيةـ منهجية خفية تستهدف التأثير على الرأي العام وزعزعة الاستقرار

- ‎فيشن طن, رأي, واجهة
القضاء المغربي
إكسبريس تيفي

نجيبة جلال

في ظل المتغيرات السياسية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، لا يزال البعض يسعى لاستغلال المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها القضاء، من أجل تحقيق مصالح ضيقة أو أجندات خفية. إحدى أبرز الأدوات التي يستخدمونها في هذا السياق هي محاولات إعادة فتح ملفات قضائية قديمة، ملفات قد مرت بجميع مراحل التقاضي وحظيت بأحكام نهائية اكتسبت قوة الشيء المقضي به، إلا أن هؤلاء يصرون على إحياء هذه القضايا ليس بغرض تحقيق العدالة، بل بهدف زرع الفتنة والتشكيك في نزاهة القضاء.

هؤلاء الأفراد أو الجهات يدركون جيدا أن القضاء المستقل هو العمود الفقري لاستقرار الدولة وقوتها، لكنهم يختارون مسارا مغايرا، حيث يسعون إلى تقويض هذا الاستقرار عبر التشكيك في أحكام القضاء وإعادة فتح ملفات تم إغلاقها قانونيا منذ سنوات. بدلا من احترام المساطر القضائية التي أخذت وقتها واستوفت جميع شروط العدالة، نجدهم يثيرون الشكوك ويضخمون القضايا القديمة ليقدموا صورة مشوهة عن المؤسسات القضائية، في محاولة مكشوفة لتقويض الثقة فيها.
هذه المحاولات لا تخدم سوى مصالح شخصية أو أجندات سياسية محدودة، هدفها الأساس هو إثارة الفوضى على حساب استقرار البلاد. الأخطر من ذلك أن هؤلاء الأفراد لا يتورعون عن استغلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتضليل الرأي العام وإيهام الناس بأنهم يدافعون عن حقوق مغتصبة، بينما في الحقيقة هم يزرعون بذور الفوضى والاضطراب.
والملاحظ أن نفس السيناريو يتكرر في عدة مدن مغربية، وفي عدة محاكم، مع نفس الوجوه التي تحاول ترويج هذه الملفات بغرض إعادة فتحها. هذه الأنماط المتكررة تعكس وجود منهجية خفية تستهدف التأثير على الرأي العام وزعزعة استقرار المجتمع.
القضاء المغربي، شأنه شأن الأنظمة القضائية في جميع أنحاء العالم، يعتمد على مساطر قانونية دقيقة وشفافة. الأحكام القضائية تمر عبر مراحل متعددة من التحقيق والاستئناف وحتى النقض إذا اقتضى الأمر. كل قضية تفحص بعناية من قبل قضاة مختصين لضمان العدالة والإنصاف. إذا، لماذا يصر البعض على إعادة فتح ملفات تم البت فيها بشكل نهائي؟ الإجابة واضحة: إنها محاولة لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار.
ما يجب أن ندركه هو أن هذه المحاولات ليست سوى جزء من مخططات أوسع تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمع وإضعاف الثقة في المؤسسات. الدعوات لإعادة النظر في ملفات قضائية قديمة، دون وجود أسباب حقيقية أو أدلة جديدة، لا تعدو كونها محاولات لتأليب الرأي العام وإثارة البلبلة. وإذا لم يتم التصدي لهذه الممارسات بحزم، فإنها قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على استقرار البلاد ووحدتها الاجتماعية.
اليوم، علينا أن نكون حذرين وواعين تجاه هذه المحاولات، وأن نفهم أن إعادة فتح الملفات القضائية القديمة ليست سوى وسيلة للتلاعب بمشاعر الناس وزرع الفتنة. من يريد حقًا تحقيق العدالة، عليه أن يحترم القضاء ومؤسساته، وأن يدرك أن الأحكام الصادرة عن المحاكم تمثل الكلمة الفصل في أي نزاع. أما من يسعى وراء إثارة الفتن والتشكيك في القضاء، فإنه يعمل ضد مصلحة الوطن، وسيدرك عاجلا أو آجلا أن محاولاته ستبوء بالفشل، لأن الشعب أصبح أكثر وعيا بما يحاك في الكواليس.
في النهاية، يجب أن يبقى القضاء قويا فوق أي اعتبارات سياسية أو مصالح شخصية. ومن يحاول زرع الفتنة بإعادة فتح الملفات القضائية المغلقة، لن يحصد إلا الفوضى والاضطراب، وستظل العدالة شامخة، حامية لاستقرار البلاد ومؤسساتها.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *