نجيبة جلال
يعد التواصل الحكومي من أبرز الآليات التي من شأنها ابراز كفاءات الحكومة وانجازاتها، وسد الباب عن الشائعات المغرضة والاخبار التي تبخس جهود الدولة بمؤسساتها من أجل بث السودوية وخطاب التيئيس، وتأجيج الأوضاع الداخلية، في المغرب، نجد أنفسنا أمام مشهد مأساوي يتسم بفشل ذريع في هذا المجال. الحكومة، التي تمتلك من الإمكانيات ما يؤهلها لابتكار استراتيجيات تواصلية فعالة، تعجز مرارا وتكرارا عن استغلال القرارات الإيجابية التي تصدر عنها، بل وتفشل في إلقاء الضوء عليها كما ينبغي.
هذا الأسبوع، أصدرت حكومة أخنوش قراراين بشأن استمرار دعم ضحايا زلزال الحوز و قرار دعم ضحايا فيضانات الجنوب الشرقي، قرارات اتخذتها الحكومة بتوجيهات ملكية سامية، إلا أن هذين القرارين اختفيا في بلاغات باردة وسط عواصف من التخبط والعشوائية في التواصل. فبدلا من استخدام هذه القرارات كوسيلة لتعزيز العلاقة مع المواطنين، اختارت الحكومة أن تغض الطرف عن كيفية تقديمها، مما أدى إلى تفويت فرصة أخرى لبناء الثقة وإظهار الالتزام الحقيقي تجاه الفئات المتضررة.
يعزى فشل التواصل السياسي لدى بعض السياسيين إلى اعتمادهم على أساليب غير مهنية، مثل الاستعانة بالجيوش الإلكترونية أو الإعلاميين الذين يتقنون إثارة الفوضى والتشويش، دون امتلاكهم لأي مهارات حقيقية في فن التواصل السياسي. هذه الأساليب غير الاحترافية تؤدي إلى نتائج سلبية تزيد من تقويض مصداقية الحكومة وتضر بسمعة مؤسسات الدولة، مما يكلفها خسائر فادحة على مستوى الثقة والاحترام الشعبي.
تلك الهفوات التواصلية لا تؤدي فقط إلى فقدان الثقة، بل تعمق الفجوة بين الحكومة والمواطنين، مما يزيد من حالة الاحتقان الاجتماعي والسياسي. ويظهر أن هناك من يعتقد أن الاستراتيجيات التسويقية التجارية يمكن أن تحل محل التواصل السياسي الحقيقي، وهو ما يمثل كارثة في حد ذاته، حيث يساهم هذا الخطاب الفارغ في تفاقم الأزمات بدلاً من معالجتها.
إن الكفاءة في التواصل السياسي ليست مجرد شعارات يتغنى بها، بل هي ضرورة ملحة لضمان استقرار الدولة. فما كان يمكن أن يكون مجرد فرصة لتعزيز العلاقة مع المواطنين، أصبح جسرا نحو المزيد من الإحباط والمشكلات التي كان بالإمكان تفاديها بخطابات مسؤولة.