عودة خديجة الرويسي: هل تسهم سيدة النضال في إعادة هندسة المشهد الحقوقي المغربي؟

عودة خديجة الرويسي: هل تسهم سيدة النضال في إعادة هندسة المشهد الحقوقي المغربي؟

- ‎فيشن طن, رأي, واجهة
0
خديجة الرويسي
إكسبريس تيفي

نجيبة جلال

في ظل الفوضى السائدة والمغالطات المنتشرة حول مفهوم النضال والعمل الحقوقي في المغرب، تبرز الحاجة الماسة إلى إعادة هيكلة هذا المجال. التمييز بين “الحقوقي” الحقيقي و”المناضل” المزيف أصبح ضروريا، في وقت نحتاج فيه إلى التركيز على التكوين والرفع من الوعي بالعمل الحقوقي الفعلي. الرهانات الكبرى التي تنتظر المغرب داخلياً وخارجياً تستوجب جيلا جديدا من المناضلين المخلصين لقضايا حقوق الإنسان، والذين يتبنون نهجاً وطنياً بدلاً من التسلق الشخصي أو الاستعراض الإعلامي.

في هذا السياق، تتجه الأنظار نحو سيدة النضال الأولى، خديجة الرويسي، التي أثبتت على مدى عقود فهمها العميق لقضايا حقوق الإنسان في المغرب. بعد أن أنهت مهامها كسفيرة للمغرب في الدنمارك وليتوانيا، يتساءل الكثيرون: هل ستعود الرويسي لتعزز الساحة الحقوقية التي ساهمت في تشكيلها؟ أو هل ستعود على رأس هيئة وطنية لتعيد صياغة العمل الحقوقي في المغرب؟ مسارها الطويل شاهد على وطنيتها الصادقة والتزامها بالاستقرار ونشر قيم العدل والمساواة.

منذ بداياتها في أوائل الثمانينيات، أسهمت الرويسي بشكل محوري في مسيرة حقوق الإنسان بالمغرب. كأحد مؤسسي “المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف”، كانت من الأعضاء البارزين الذين عملوا بشجاعة داخل هيئة الإنصاف والمصالحة، لمواجهة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. دافعت عن الحقيقة والعدالة بأسلوب قوي، وساهمت في وضع أسس المصالحة التي تسعى إلى تحقيق الإنصاف لجميع الضحايا.

تميزت الرويسي بقدرتها على التصدي للأفكار الشعبوية التي حاولت تقويض مسار حقوق الإنسان في المغرب. أبرز مواقفها كانت مواجهة الخطابات الشعبوية لعبد الإله بنكيران، التي حاولت تسفيه القيم الحقوقية وإدخال السياسة في مواضيع إنسانية. بجرأتها وثباتها، أثبتت الرويسي أنها صوت حقوقي حقيقي، بعيد عن الحسابات السياسية الضيقة.

خلال فترة رئاستها لجمعية “بيت الحكمة”، كانت قوة لا يستهان بها في الدفاع عن حقوق الإنسان، خصوصاً حقوق المرأة، وتصدت للفكر الظلامي بكل جرأة. هذه المواقف جعلتها تتصدر المشهد الحقوقي وتكسب لقب “سيدة النضال” بين الأوساط المدافعة عن الحريات.

توجت مسيرتها بمنصب سفيرة للمغرب لدى الدنمارك وليتوانيا في 2017، حيث لم تكتف بالدور الدبلوماسي التقليدي بل نجحت في تعزيز العلاقات بين المغرب والدنمارك، ما أثمر دعم الدنمارك لمقترح الحكم الذاتي للصحراء المغربية. هذا النجاح الدبلوماسي الكبير يؤكد على رؤيتها الاستراتيجية وإخلاصها للوطن.

اليوم، وبعد نجاح مهمتها الدبلوماسية، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت الرويسي ستعود إلى الساحة الحقوقية المغربية لتعزيز القيم التي طالما دافعت عنها، أو ربما لتتولى رئاسة هيئة وطنية تعزز المسار الحقوقي في المملكة. عودتها المحتملة قد تكون حاسمة في إعادة تشكيل المشهد الحقوقي، لما تملكه من خبرة ومصداقية يمكن أن تسهم في كسب الرهانات الكبيرة التي تنتظر المملكة في هذا المجال.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *