قضية الصحراء المغربية تجسيد لصراع يعصف بإفريقيا

قضية الصحراء المغربية تجسيد لصراع يعصف بإفريقيا

- ‎فيشن طن, واجهة
الصحراء المغربية شن طن
إكسبريس تيفي
بقلم نجيبة جلال

الصحراء المغربية ليست مجرد نزاع إقليمي، بل تعبير عن واقع معقّد يشهده عدد من الدول الإفريقية، حيث تتداخل أطماع الجماعات الانفصالية مع أنشطة إرهابية وجماعات متطرفة تدعمها أجندات خارجية.

وسط هذه التحديات الأمنية، يقف المغرب كنموذج ريادي وقوة إقليمية تحشد الجهود لمواجهة الإرهاب المتصاعد، الذي كبد إفريقيا خسائر بلغت 171 مليار دولار خلال العقد الأخير.

وفي هذا السياق، صرّح ممثل المغرب الدائم لدى الاتحاد الإفريقي، محمد عروشي، أن إفريقيا تتحمل وحدها العبء المدمر لهذه الهجمات، مشيرًا إلى أن هذه التحديات الأمنية تعدّ نادرة الحدوث في مناطق أخرى من العالم، حيث باتت الجماعات الإرهابية الأجنبية تتعاون مع الانفصاليين والمتمردين، مهددة الأمن الإقليمي والاستقرار الاجتماعي.

يمتلك المغرب، في ضوء رؤيته الشاملة وحرصه على استقرار القارة، مقاربة تجمع بين العمل الأمني الدقيق والدبلوماسية النشطة. فنهجه المتطور في مكافحة الإرهاب أكسبه مكانة مرموقة على الساحة الدولية، ما جعله شريكًا موثوقًا في استتباب الأمن ليس في شمال إفريقيا فحسب، بل في القارة بأكملها. وقد بوأه ذلك مكانة رفيعة، حيث تتعاون معه دول إفريقية وأوروبية كمنظومة أمان واستقرار.

ورغم أن الإرهاب مشكلة دولية، إلا أن إفريقيا تتعرض لتحديات إضافية، من أبرزها الصراع المستمر في الصحراء المغربية، الذي يتداخل مع أجندات انفصالية وأطراف خارجية أبرزها الجزائر، الداعمة لجبهة البوليساريو. ويمثل النزاع في الصحراء المغربية مثالًا حيًّا على كيفية استغلال الجماعات الإرهابية لقضية إقليمية مفتعلة لتعزيز وجودها والتأثير في استقرار المنطقة. وقد شدد المغرب، الذي يسعى لحل هذا النزاع المفتعل من خلال مقترحه للحكم الذاتي تحت سيادته، على أن حل القضية يحتاج إلى نهج واقعي وعملي، بعيدًا عن الشعارات التي تسعى لزعزعة استقرار دول المنطقة.

علاوة على ذلك، تتفاقم الأوضاع الأمنية بسبب تصاعد الجريمة العابرة للحدود؛ فقد أشار عروشي إلى أن إفريقيا تواجه تهديدات أخرى من تدفقات الأموال غير الشرعية، وتهريب المخدرات، والاتجار بالأسلحة، والاختطاف مقابل الفدية. وهذه الأنشطة لا تؤدي فقط إلى تزايد الأزمات الإنسانية، بل تسهم في زعزعة استقرار الحكومات وتقويض الجهود التنموية.

إن الدول الافريقية التي راهنت على احتواء الجماعات الارهابية من اجل توظيفها في زعزعة استقرار دول اخرى أو من أجل ممارسة ضغوط سياسية، ها هي اليوم تواجه خطر الارهاب الذي انعكس على أمنها الداخلي وجعلها تصنف دوليا كوجهة غير آمنة بالنسبة للسياح، ولعل حادث ذبح السائحة السويسرية بالجزائر خير مثال.

وفي هذا السياق، يبرز المغرب كقوة فاعلة تسعى إلى تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي في جهود مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، مع التركيز على توحيد الصفوف الإقليمية والدولية لإيجاد حلول مشتركة للتحديات التي تواجه القارة. ويعكس هذا التوجه رؤية المغرب الساعية إلى إرساء حلول أمنية واقتصادية تدعم استقرار إفريقيا، ليس فقط لمكافحة الإرهاب، بل أيضًا لدفع عجلة التنمية وتحقيق الازدهار.

باتت إفريقيا اليوم تتحمل وحدها عبء الأزمات التي تتسبب فيها التحالفات العابرة للحدود بين الجماعات المتطرفة والمتمردين والانفصاليين، ما يجعل مستقبل القارة على المحك، ويدفع المغرب إلى مضاعفة جهوده لاحتواء هذه التحديات.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *