بقلم نجيبة جلال
تتجدد مؤشرات التصعيد في الشرق الأوسط مع تأكيد إيران أنها لن تدع الضربة الجوية الإسرائيلية الأخيرة تمر دون ردٍّ حازم. جاءت هذه التصريحات بعدما استهدفت إسرائيل في 26 أكتوبر/تشرين الأول مواقع عسكرية حساسة داخل إيران، مما أثر على دفاعاتها الاستراتيجية وأدى إلى خسائر بشرية شملت جنودًا ومدنيين.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن إيران، في تواصلها مع دول عربية، أوضحت أن ردها هذه المرة سيكون مختلفًا في طبيعته وأبعاده، مع التركيز على رؤوس حربية أكثر تطورًا واستخدام تكتيكات غير تقليدية. ويأتي ذلك في وقت تعمل فيه طهران على دراسة خياراتها بين الرد المباشر أو اللجوء إلى وكلاء إقليميين لتوفير قدر من الإنكار الاستراتيجي.
في المقابل، تبقى إسرائيل مستعدة لتصعيد أكبر، مع تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن منع إيران من امتلاك قدرات نووية يظل “الهدف الأسمى” لأمنها. وتتزامن هذه التحذيرات مع خطوات الولايات المتحدة لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، على الرغم من دعوتها لتهدئة الأوضاع وتحذيرها من تبعات أي مواجهة جديدة.
لكن وسط هذه الاستعدادات العسكرية والتصريحات الحادة، تبرز الحاجة الماسة لتفعيل القنوات الدبلوماسية وتغليب الحكمة على التصعيدات الفارغة التي لن تجلب سوى المزيد من الدمار وزعزعة الاستقرار. إن الشرق الأوسط بات ساحة لاختبار إنسانية المجتمع الدولي وقدرته على تقديم حلول تتجاوز العنف والتنافس، وتضمن الأمن والازدهار للجميع. يجب أن تُفسح الساحة لصوت العقل والدبلوماسية؛ فالتاريخ يعلمنا أن المواجهات المسلحة، مهما بدت ضرورية للبعض، غالبًا ما تترك آثارًا أعمق على المجتمعات وتهدد الأجيال القادمة.
وفي ظل هذه الظروف المتوترة، تقع مسؤولية كبرى على عاتق القوى العالمية والإقليمية لتوجيه الأحداث نحو مسارات أكثر حكمة، وتحويل الأزمات إلى فرص للحوار والتفاهم. فمستقبل الشرق الأوسط ليس مجرد معادلات سياسية معقدة، بل هو انعكاس لحالة الإنسانية بأسرها، والتي لا تحتمل المزيد من التصدعات.