في السنوات الأخيرة، تحول المغرب إلى هدف لحملات تشويه ممنهجة تقودها بعض الجهات الحقوقية المحلية والدولية. هذه الحملات تعتمد على تحويل قضايا الحق العام إلى ملفات رأي، وتسويقها من خلال شبكة من اليوتوبرز والصحفيين، في محاولة لضرب سمعة البلاد وتقويض مصداقية مؤسساته. هذا النهج يُعيد إنتاج استراتيجية دولية تُستخدم فيها تقارير حقوق الإنسان لتشكيل صورة سلبية عن الدول النامية وإعاقة مسارها التنموي.
تقارير هذه المنظمات تُسلط الضوء على قضايا مثل الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، لكنها تُوظف بشكل متعمد لتوجيه المؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولي، نحو إعادة النظر في تعاملاتها مع الدول المستهدفة. في حالة المغرب، يتم استغلال هذه التقارير لتصويره كدولة تعاني من ضعف سيادة القانون وانتهاكات ممنهجة، مما يؤدي إلى رفع تصنيفه كوجهة استثمارية محفوفة بالمخاطر، ويُضعف موقفه التفاوضي مع المؤسسات الدولية، ويؤثر على مشاريعه التنموية.
المقلق في هذه الحملات هو استغلال قضايا فردية أو خلافات شخصية لتحويلها إلى ملفات رأي عامة. هذه الملفات، التي يتم تضخيمها عبر وسائل الإعلام ورفعها إلى منظمات دولية، تصبح أداة ضغط سياسي تستهدف المغرب في قضاياه الوطنية الكبرى، مثل وحدته الترابية. هذا الوضع يوفر أرضية خصبة لخصومه الإقليميين، وخاصة الجزائر، لاستثمار هذه التقارير في تعزيز أجنداتهم ضد مصالح المملكة.
ورغم أن التقارير الحقوقية تهدف في جوهرها إلى تعزيز الشفافية والمساءلة، إلا أن استخدامها بهذه الطريقة يثير تساؤلات حول المعايير المزدوجة التي تُطبق على الدول النامية. المغرب، الذي يُظهر التزامًا واضحًا بمسار التنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان، يواجه تحديًا يتطلب تعزيز الجبهة الداخلية، وتحسين التواصل مع المجتمع الدولي، والعمل على فضح محاولات التشويه التي تستهدفه.
من بين الأمثلة الصارخة على هذا النهج، نجد إحدى الجمعيات الحقوقية المحلية التي عملت بشكل منظم على تحويل ملفات صحفيين متابعين في قضايا حق عام إلى ملفات رأي دولية. ورغم أن هذه القضايا معروفة، وضحاياها حقيقيون، إلا أن الجمعية استثمرت جهودًا كبيرة لتزييف الحقائق وخلق رأي عام دولي داعم لهؤلاء المتابعين. هذه الحملات لم تتوقف عند حدود إثارة التعاطف، بل استُخدمت كأداة ضغط على المؤسسات الوطنية والدولية، ما يثير تساؤلات جوهرية حول كيف يمكن لجمعية وطنية أن تتبنى خطابًا وأهدافًا تتقاطع مع أجندات منظمات دولية أصبحت نواياها معروفة في تقويض استقرار الدول النامية
التجربة المغربية تبرز الحاجة إلى صياغة علاقة متوازنة بين دعم حقوق الإنسان واحترام سيادة الدول. هذا التحدي ليس خاصًا بالمغرب وحده، لكنه يظهر بشكل أكثر وضوحًا في حالة بلد يتطلع إلى تقديم نموذج تنموي رائد وسط محيط إقليمي متقلب.