نجيبة جلال ترد على توفيق بوعشرين

نجيبة جلال ترد على توفيق بوعشرين

- ‎فيشن طن, واجهة
توفيق بوعشرين نجيبة جلال
إكسبريس تيفي

بقلم : نجيبة جلال

أستاذ توفيق بوعشرين،

قرأت مقالك الأخير حول تصريح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، وفهمت أنك تسعى لإثارة نقاش فكري حول العلاقة بين الدين والدولة في المغرب، لكن دعني أوضح بعض النقاط التي ربما فاتتك وسط زحمة استنتاجاتك المتسرعة.

أولاً، حين يقول وزير الأوقاف إن المغرب بلد علماني، فهذا ليس إعلانًا رسميًا ولا تعديلًا دستوريًا خفيًا، بل إشارة إلى طبيعة تدبيرية متوازنة تتعامل بها الدولة مع الشأن الديني في سياقها الخاص. المغرب ليس علمانيًا بالمعنى الفرنسي المتشدد، ولكنه أيضًا ليس ثيوقراطيًا كما قد تتصور. هناك خصوصية مغربية يتطلب فهمها التعمق في التوازنات الدستورية والتاريخية التي تجعل من الدين ركيزة أساسية، لكنها لا تقف عائقًا أمام التعددية الثقافية والدينية.

ثانيًا، قولك إن الدولة بلا دين إذا كانت علمانية، يتنافى مع بنود الدستور المغربي الذي ينص بوضوح على أن الإسلام دين الدولة والملك هو أمير المؤمنين. هذه ليست مجرد عبارات بلاغية، بل أسس قانونية تحدد هوية الدولة ومؤسساتها. ولعل وصفك للمغرب بالازدواجية في المرجعيات يكشف عن فهم سطحي لهذه المعادلة.

ثالثًا، دعوتك ضمنيًا لاستقالة وزير الأوقاف وحل الوزارة تستند إلى تأويل شخصي لتصريح الوزير، وليس إلى قراءة موضوعية. الوزير لم ينكر أن الدين جزء من هوية المغرب، لكنه لفت إلى ضرورة فهم هذه الهوية ضمن سياقها التاريخي والمعاصر، خاصة عند مخاطبة مسؤولين أجانب كوزير الداخلية الفرنسي، الذي ربما يحتاج إلى تفسير مختلف لطبيعة الدولة المغربية بعيدًا عن الصور النمطية.

رابعًا، فيما يتعلق “بالعلمانية الصامتة”، يبدو أنك تبحث عن تناقضات في مكان غير موجود. المغرب لا يمارس العلمانية بالصمت أو بالعلن، بل يعتمد نهجًا فريدًا يحترم الدين كمرجعية دستورية، ويتيح في الوقت ذاته حرية المعتقد وممارسة الشعائر. وهنا يكمن الفرق بين العلمانية العدائية والعلمانية المرنة التي قد تلتقي مع بعض مفاهيمها في الدولة المغربية.

أخيرًا، أستاذ بوعشرين، يبدو أنك تحاول تأطير النقاش ضمن ثنائية إما الدين أو الدولة، وكأننا أمام معادلة صفرية. لكن الحقيقة أن المغرب يثبت يومًا بعد يوم أن بالإمكان التعايش بين المرجعية الدينية والانفتاح على الحداثة، بين الهوية الإسلامية والديناميكية السياسية.

بعباراتك ذاتها، أقول: النص واضح، والمرجعية ثابتة، والتكييف مغربي بامتياز، وما زال “العبد يدخل للمسجد ببلغته” يحاولون عبثًا تأويل ما هو ثابت لإثارة جدل بلا معنى.

بالتوفيق،

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *