بقلم نجيبة جلال
لا شك أننا في زمن تتداخل فيه الأدوار وتختلط فيه القيم، نجد أنفسنا أمام ظواهر غريبة تكشف عن أوجه متعددة للأزمة الأخلاقية والاجتماعية. من بين هذه الظواهر العديدة، تبرز حالة هيام سطار، تلك المرأة التي حولت فضاء اليوتوب إلى منصة للسب والقذف وإنتاج محتوى رديء، دون أن تخفي أنها تفعل ذلك من أجل الإعلانات التي تشكل مصدر رزقها الوحيد. هيام، التي تعترف علنًا بمشاكلها النفسية، ليست سوى صورة من صور البؤس الاجتماعي الذي يدفع البعض إلى التحايل على القيم لتحقيق لقمة العيش. لكنها في الوقت ذاته تمثل خطرًا على الذوق العام وأخلاقيات التواصل، ما يستدعي مواجهتها بمزيج من الردع القانوني والتوجيه الاجتماعي، كإحالتها إلى جمعيات تعنى بإعادة إدماج الأفراد المنجرفين في مثل هذه الممارسات.
في المقابل، نقف أمام نموذج أكثر تعقيدًا وخطورة يتمثل في المحامي ح.ن، الذي من المفترض أن يكون ممثلًا للقانون وحارسًا للعدالة، لكنه اختار الانحراف عن دوره النبيل ليصبح أحد رموز التشهير والسب العلني عبر منصات التواصل. هذا المحامي، الذي يُمارس مهنته رغم متابعته قضائيًا بتهمة محاولة القتل ورغم خضوعه للمراقبة القضائية، يحول القانون نفسه إلى أداة تخدم مصالحه الشخصية. فبدلًا من أن يكون صوتًا للحق، أصبح صوتًا للتهجم على زميله الأستاذ زهراش، إضافة إلى عشرات النساء المغربيات، مستغلًا قناته على اليوتوب لتصريف تهديداته وإسقاطاته الأخلاقية، ضاربًا بعرض الحائط كرامة المهنة وسمعتها.
من المثير للاستغراب أن ح.ن لا يزال يصول ويجول في المحاكم رغم وجود مواد صريحة في قانون مهنة المحاماة المغربي، مثل المادة 66 التي تنص على عقوبات تأديبية تشمل التوقيف المؤقت غي حالة كانت متابعات زجرية في حق المحامي ، والمادة 67 التي تتيح توقيف المحامي المتابع قضائيًا إذا كانت التهم الموجهة إليه قد تؤثر على سمعة المهنة أو حقوق الضحايا. لكن، بدل أن يتم تفعيل هذه النصوص، نراه يستغل موقعه كمحامٍ لبث الرعب النفسي والتشهير العلني، مستخدمًا أساليب ملتوية لإثارة الشكوك وزرع الانقسام بين الناس، من خلال خطاب يغلب عليه التلميح والتهديد المبطن.
إذا كانت حالة هيام تمثل عبثية ناجمة عن الفقر والحاجة، فإن المحامي ح.ن يجسد انحرافًا أخلاقيًا ومهنيًا يستدعي وقفة حازمة. الخطر في مثل هذه الحالات لا يكمن فقط في الأفراد، بل في المنظومة التي تسمح بمثل هذه الانتهاكات دون تدخل. عندما يتحول المحامي إلى مصدر للخوف بدل أن يكون مصدرًا للعدالة، وعندما تُترك امرأة مثل هيام دون أي مسار للإصلاح أو التوجيه، فإننا أمام أزمة تتجاوز الأفراد إلى أزمة أخلاقية وقانونية تضرب في عمق المجتمع.
لا يمكن لمثل هذه الظواهر أن تستمر دون أن تؤثر على ثقة الناس في المؤسسات والقوانين. المطلوب اليوم ليس فقط معاقبة هؤلاء الأشخاص، بل إعادة النظر في طريقة تطبيق القوانين بحزم وعدالة، لضمان أن يظل القانون حصنًا يحمي الجميع من التشهير والتجاوزات، سواء جاءت من امرأة تدعي أنها ضحية الفقر، أو من محامٍ يختبئ خلف عباءة القانون ليعيث فسادًا في سمعة المهنة والمجتمع.
باب التأديب القانون المنظم لمهنة المحاماة
المادة 66 : يمكن لمجلس الهيئة ولأسباب مهنية ، عند إجراء متابعة زجرية ضد أي محام ، أن يصدر، في حالة الضرورة القصوى، مقررا معللا بمنع هذا المحامي من ممارسة المهنة مؤقتا.
يتخذ المجلس هذا المقرر، تلقائيا أو بطلب من النقيب، أو الوكيل العام للملك ، بالأغلبية المطلقة لأعضائه. ينفذ هذا المقرر رغم كل طعن.
لا يمكن أن تتجاوز مدة المنع المؤقت سنة كاملة ما لم يكن المعني بالأمر معتقلا.
يمكن للمجلس أن يقرر رفع المنع المؤقت بنفس الشروط، إما تلقائيا، وإما بطلب من المعني بالأمر.
ينتهي مفعول المنع المؤقت، بقوة القانون، بمجرد التصريح ببراءة المحامي المتابع.
يجب على مجلس الهيئة أن يبت في موضوع المتابعة التأديبية بعد صدور الحكم النهائي داخل اجل أقصاه أربعة أشهر من تاريخ تبليغه بمقتضيات الحكم المذكور، و إلا رفع المنع المؤقت ، بقوة القانون.
المادة 67 : تحال على النقيب الشكايات المرفوعة مباشرة لمجلس الهيئة أو المحالة من الوكيل العام والمقدمة في مواجهة محام، والتي تتعلق بمخالفة النصوص القانونية، أو التنظيمية أو قواعد المهنة ، أو أعرافها ، أو أي إخلال بالمروءة والشرف .