بقلم نجيبة جلال
الجدل الذي أثارته مواقف عزيز غالي وأتباعه ليس سوى صورة واضحة عن الانفصال بين ما يروجونه من شعارات حقوق الإنسان وبين ما يختارون الدفاع عنه في الواقع. حين يدافع عبد المومني عن تصريحات غالي تحت غطاء “حرية الرأي” ويهاجم المدافعين عن مغربية الصحراء واصفًا إياهم بالشوفينيين، فإنه لا يمس فقط بوحدة المغرب الترابية، بل يهين المغاربة جميعًا، متجاهلًا أن حب الوطن والدفاع عن وحدته ليس شوفينية، بل واجب وطني.
هذا التناقض الواضح في مواقف هؤلاء يكشف ازدواجية الخطاب التي تعيشها بعض الأطراف. إذا كان الدفاع عن حقوق الإنسان مبدأً عالميًا، فلماذا لم نجد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدافع عن تقرير المصير في منطقة القبائل الجزائرية؟ أليس من الأولى أن تطالب هذه الأصوات، باسم “الحقوق العالمية”، باستفتاء لتقرير مصير الفلسطينيين، بدلًا من المطالبة بتحرير فلسطين؟ ربما، وفق منطقهم “السلاموي”، هناك فلسطينيون يريدون الاندماج في إسرائيل!
المثير للسخرية هو محاولة تقديم موقف غالي وكأنه رأي حقوقي صرف، بعيد عن السياسة. لكن الواقع أن هذا الموقف ليس إلا امتدادًا لخطاب سياسي يهدف إلى التشويش على النجاحات الدبلوماسية المغربية. دعمهم لاستفتاء تقرير المصير في الصحراء المغربية، مقابل تجاهلهم لمواقف مشابهة تتعلق بوحدة دول أخرى كإسرائيل أو الجزائر، يكشف نفاقهم واستخدامهم المبدئية كذريعة تخدم مصالحهم وأجندات خارجية.
وبالمقابل، لماذا لا نجد هؤلاء يدافعون عن حرية الرأي للكاتب الجزائري بوعلام صنصال عندما صرّح بأن الصحراء الشرقية تنتمي إلى المغرب؟ إذا كان دفاعهم عن حرية التعبير حقيقيًا، فلماذا يصمتون أمام التضييق الذي يتعرض له كل من يتجرأ على نقد النظام الجزائري أو المطالبة بالحق التاريخي للمغرب في أراضيه؟
الأزمة الحقيقية ليست في المواقف التي يروج لها غالي ومن معه، بل في غياب الاتساق والمصداقية. حقوق الإنسان ليست ورقة للتلاعب أو أداة لنسف الثوابت الوطنية. والمغاربة، بشوفينيتهم المزعومة كما يصفها البعض، يدركون تمامًا أن الوطن ليس موضوعًا للمزايدة، وأن الدفاع عن وحدته يتجاوز أي شعارات زائفة أو ادعاءات جوفاء.
الأمة المغربية، التي تجاوزت كل محاولات التشويش، ماضية بثبات في مسارها الواضح، مدعومة بإجماع وطني متين ونجاحات دبلوماسية تُحرج خصومها. أما أصوات النفاق والازدواجية، فلن تكون سوى صدى ضعيف يضيع في مواجهة أمة تعرف أن الدفاع عن الوطن لا يخضع للمساومة.