برزت في المغرب حالات معقدة مثل “هيام ستار” و”أم جيهان” كأمثلة على المخاطر المرتبطة باستغلال الطفولة في الفضاءات الرقمية، مما يثير نقاشًا حول حقوق الأطفال، والمسؤوليات الأبوية، والحاجة إلى إطار قانوني مناسب. هذه الحالات يمكن أن تجد إشاراتها في قضايا مشابهة في الولايات المتحدة، حيث اضطرت العدالة إلى الفصل في قضايا بارزة، مما يوفر إشارات مفيدة للقضاء المغربي.
تسلط قضية “هيام ستار” الضوء على التعرض المفرط للأطفال على وسائل التواصل الاجتماعي. فهي أم لثلاثة أطفال، وتواجه اتهامات بإعطاء القدوة السيئة وسوء المعاملة، و لا شك أن محتوياتها على الإنترنت ضارة بالتطور النفسي والعاطفي للأطفال. من جهة أخرى، نجد “أم جيهان”، الأم بالتبني لفتاة مصابة بالتوحد، استخدمت الطفلة كوسيلة لزيادة ظهورها على الإنترنت وتحقيق الأرباح من محتوياتها بطريقة ليست أخلاقية.
تذكر هذه الحالات قضايا مشابهة في الولايات المتحدة التي أثرت في التشريعات المتعلقة بحماية الأطفال من الاستغلال الرقمي. على سبيل المثال، أثارت قضية “مايكا ستوفر” – وهي مؤثرة قامت بتبني طفل مصاب بالتوحد ثم أعادته إلى أسرة أخرى – صدمة كبيرة في عام 2020. كانت الانتقادات تدور حول التربح من التبني والتخلي العاطفي عن الطفل، مما أدى إلى فقدان عقود إعلانية وتشويه سمعتها العامة. هذه القضية أطلقت نقاشًا حول أخلاقيات المؤثرين والحاجة إلى قوانين تحمي الأطفال من الاستغلال الإعلامي.
مثال آخر بارز لقضية “DaddyOFive”، و هناك قناة يوتيوب كان فيها الوالدان يقومان بتصوير مقاطع فيديو تتضمن “مقالب” اعتُبرت مسيئة للأطفال. تدخلت العدالة الأمريكية في عام 2017 بعد اتهامات بالإساءة النفسية. فقد الوالدان حضانة اثنين من أطفالهما وتمت محاكمتهما بالخضوع لمراقبة لمدة خمس سنوات. أظهرت هذه القضية استعداد القضاء الأمريكي لحماية الأطفال في حالة الاستغلال الرقمي، مع تحديد سابقة قانونية بشأن حدود استخدام صورهم.
تقدم هذه الأمثلة قاعدة للتفكير بالنسبة للقضاء المغربي في مواجهة قضايا مماثلة. ومع ذلك، من المهم النظر في السياق المحلي. فبعكس الولايات المتحدة، حيث توجد آليات مثل الأسر البديلة لضمان بيئة حاضنة للأطفال الذين يتم سحبهم من عائلاتهم، لا يزال المغرب يفتقر إلى هذه البنية التحتية. إن سحب الطفل من أسرته، حتى في حالات السلوك الأبوي المشكوك فيه، قد يؤدي إلى عواقب نفسية خطيرة. في العديد من الحالات، يكون من الأفضل أن يبقى الطفل مع والديه، شريطة أن يكون هؤلاء قد تلقوا الدعم والإرشاد المناسبين للقيام بدورهم بشكل صحيح.
غالبًا ما تتصرف الأمهات مثل “هيام ستار” و”أم جيهان” نتيجة لجهلهن بعواقب أفعالهن، بالإضافة إلى مستوى تعليمهن المحدود. في هذا السياق، من الضروري أن تركز الاستجابة القانونية المغربية على التعليم والإرشاد بدلاً من السجن أو سحب الحضانة. فقد يمكن لبرامج التوعية والإرشاد الأبوي أن تساعد هذه الأمهات على فهم تأثيرات اختياراتهن الرقمية وتبني سلوكيات مسؤولة.
علاوة على ذلك، فإن وجود إطار قانوني واضح أمر بالغ الأهمية لحماية الأطفال مع مراعاة الواقع المغربي. يمكن أن يشمل هذا الإطار قيودًا على التربح من المحتوى الذي يتضمن قاصرين، وزيادة الرقابة، وعقوبات ضد الانتهاكات المثبتة. ولكن يجب أن يتضمن أيضًا آليات دعم للوالدين لمساعدتهم على التكيف مع هذه المعايير الجديدة.
وأخيرًا، يجب أن تتعاون المجتمع المدني، والجمعيات المدافعة عن حقوق الطفل، والمنصات الرقمية مع السلطات العامة للحد من هذه الانتهاكات. من الضروري اتباع نهج شامل يجمع بين التعليم، والتشريع، والتوعية لضمان بيئة رقمية آمنة للأطفال.
من خلال الاستفادة من الفقه القضائي الأمريكي وتكييف الحلول مع السياق المحلي، يمكن للمغرب أن يؤسس لإطار قانوني واجتماعي متوازن. فبالإضافة إلى العقوبات، يكمن الهدف في ضمان مستقبل تُحترم فيه حقوق الأطفال، دون حرمانهم من الروابط الأساسية مع والديهم، في إطار مشبع بالاحترام، والحب، والحماية.
في هذا الإطار، تجسد التوجيهات الملكية السامية في الحفاظ على الأسرة ضرورة تعزيز هذه القيم داخل المجتمع، حيث تعتبر الأسرة اللبنة الأساسية للحفاظ على تماسك المجتمع المغربي وضمان استقرار أفراده.