القوانين الدولية تعتبر أفعال توفيق بوعشرين اتجارا بالبشر !

القوانين الدولية تعتبر أفعال توفيق بوعشرين اتجارا بالبشر !

- ‎فيشن طن, واجهة
بوعشرين
إكسبريس تيفي
بقلم نجيبة جلال

في عام 2017، تفجرت قضية توفيق بوعشرين بعد أن كشفت تحقيقات عن استغلاله الجنسي الممنهج لصحافيات وإداريات عملن تحت سلطته، في واحدة من أكثر القضايا التي هزت الرأي العام المغربي. حكم عليه بالسجن، وقضى سبع سنوات قبل أن يحصل على عفو ملكي يعكس سماحة المؤسسة الملكية. لكن، بدلاً من أن يتخذ هذا العفو فرصة لمراجعة أخطائه، اختار بوعشرين ومعه مجموعة من خونة معلنين و متخفين ممن يتبنون أجندات معادية للاستقرار الوطني، استغلال هذه الخطوة الملكية لإعادة تسويق نفسه إعلامياً.

عبر بودكاستات مدفوعة بروايات مختلقة، حاول بوعشرين ادعاء أن الفيديوهات التي وثقت ممارساته الجنسية كانت “مفبركة”، متجاهلاً أن هذه الفيديوهات كانت جزءاً من أدلة محاكمة سرية هدفت إلى حماية الضحايا. بل إن البعض من المروجين له أنكروا حتى وجود الفيديوهات، إلا أن تسريب أحدها لاحقاً فضح الحقيقة بشكل واضح، حيث أظهر بوعشرين في موقف لا لبس فيه أثناء ممارسته الجنس مع إحدى كاتباته.

محاولات الدفاع عنه اليوم ترتكز على ادعاء أن هذه العلاقات كانت “رضائية”، في تناقض صارخ مع القوانين الوطنية والدولية التي تؤكد أن أي علاقة جنسية تنشأ في ظل استغلال النفوذ أو السلطة لا يمكن اعتبارها رضائية بأي حال من الأحوال. فالقانون المغربي، أسوة باتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190، يجرم بوضوح أي علاقة تنطوي على استغلال للسلطة.

لنأخذ أمثلة:
في الولايات المتحدة، يُعتبر استغلال النفوذ الجنسي جريمة يعاقب عليها القانون الفيدرالي بموجب قانون الحقوق المدنية لعام 1964. المحكمة العليا الأمريكية أكدت في قضايا عدة أن العلاقات التي تُفرض تحت تهديدات وظيفية أو استغلال سلطة المدير تُعد غير رضائية وغير قانونية.
في إسبانيا، يُجرّم القانون الجنائي أي علاقة تُبنى على استغلال السلطة، وفقًا للمادة 443. العقوبات تشمل السجن والفصل من الوظيفة العامة، حتى لو بدا أن هناك قبولًا من الطرف الآخر.
في فرنسا، تُشدد المادة 222-33 من القانون الجنائي على أن التحرش أو استغلال النفوذ لتحقيق مكاسب جنسية جريمة يُعاقب عليها بالسجن والغرامات، خصوصًا إذا كان الجاني في موقع قوة أو مسؤولية.

القاسم المشترك بين هذه القوانين هو أنها ترفض بشكل قاطع فكرة “الرضائية” عندما يكون هناك توازن غير متكافئ للقوة بين الطرفين. العلاقة التي تحدث في سياق استغلال السلطة تُعتبر دائمًا استغلالًا مقنعًا، وهي جريمة تستوجب العقاب.
محاولة تصوير ما حدث مع بوعشرين على أنه مجرد “علاقات رضائية” يتجاهل تمامًا القوانين الدولية التي تدين مثل هذه الأفعال. أي دفاع عن هذه الممارسات ليس سوى محاولة لتبرير استغلال النفوذ وتبرئة سلوكيات مشابهة لدى من يروجون لهذه الأطروحة.
القضية واضحة: استغلال السلطة لتحقيق مكاسب جنسية جريمة في كل القوانين الدولية، وهي كذلك في المغرب.
بوعشرين، بصفته مدير مؤسسة إعلامية، كان في موقع قوة يتحكم بمصير موظفاته المهني، مما يجعل أي علاقة جمعت بينه وبينهن قائمة على الإكراه المعنوي وليس الاختيار الحر. رغم ذلك، لا تزال “عشيرة حقوقية” مزيفة تروج لخطاب المظلومية، ليس دفاعاً عن حقوق الإنسان، بل عن ممارسات مشابهة يرتكبها أفرادها يومياً.

من الواضح أن الرهان على بوعشرين اليوم ليس سوى محاولة يائسة لتقويض مصداقية القضاء المغربي وضرب استقرار البلاد. هؤلاء الذين يروجون له لا يدافعون عنه كشخص، بل عن أجندة تسعى لتبرير استغلال النساء وخلق الفوضى تحت غطاء حقوقي زائف.

قضية بوعشرين ليست مجرد قضية فردية، بل اختبار حقيقي لمجتمع يسعى لتحقيق العدالة والمساواة. الدفاع عن “رضائية” العلاقات في هذه القضية هو محاولة مكشوفة لتزييف الحقائق، لكنه محكوم بالفشل، لأن الحقيقة المدعمة بالأدلة أقوى من أي تزييف أو رواية مختلقة. المغرب اليوم أكثر وعياً بمخاطر استغلال النفوذ، ولن يسمح بتحويل جلاد فقد كل شيء إلى ضحية مزيفة.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *