الإرهاب ليس مجرد تهديد أمني، بل خطر دائم يتطلب يقظة مستمرة واستراتيجيات متقدمة. المغرب، بفضل مقاربته الأمنية الاستباقية، أثبت قدرته على التصدي للتهديدات الإرهابية بفعالية، حيث نجح مراراً في تفكيك خلايا خطيرة كانت تخطط لتنفيذ هجمات ارهابية مدمرة. آخر هذه العمليات نفذها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، اليوم الأربعاء، بإحباط مخطط إرهابي واسع شمل تسع مدن مغربية، وأسفر عن توقيف 12 متطرفاً كانوا يستعدون لتنفيذ اعتداءات دموية بأوامر مباشرة من تنظيم داعش في منطقة الساحل.
هذه العملية الأمنية النوعية ليست استثناء، بل جزء من نهج صارم يعتمد على الضربات الاستباقية والرصد الاستخباراتي المتطور. الأجهزة الأمنية المغربية، بقيادة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، لا تنتظر وقوع الهجمات لتتحرك، بل تعمل على تفكيك الخلايا قبل أن تتحول إلى قنابل موقوتة. نجاح عملية اليوم، التي أسفرت عن ضبط متفجرات وأسلحة ومخططات تفصيلية لاستهداف منشآت حساسة، يؤكد مجدداً فعالية هذا النهج، ويكشف مدى الخطر الذي لا يزال الإرهاب يشكله على أمن واستقرار المغرب.
المغرب لا يحارب الإرهاب فقط عبر العمليات الأمنية، بل يتبنى مقاربة شاملة تجمع بين الحزم الأمني، الإصلاحات الدينية، والاستراتيجيات التنموية. تفكيك الفكر المتطرف يتم عبر ضبط الخطاب الديني، تكوين الأئمة، ومراقبة الفضاء الرقمي لمنع الدعاية الإرهابية. في الوقت نفسه، تُنفَّذ برامج اجتماعية تقلص من الفجوات الاقتصادية، ما يحرم التنظيمات الإرهابية من بيئات خصبة للتجنيد.
لكن التحديات لا تزال قائمة. منطقة الساحل الإفريقي، التي تحولت إلى معقل رئيسي للتنظيمات الإرهابية، تمثل تهديدا مباشرا للمغرب، حيث تسعى هذه الجماعات إلى تصدير الفوضى وزعزعة استقرار الدول المجاورة. التحريات الأولية في عملية اليوم أظهرت ارتباط الخلية المفككة بقيادي بارز في داعش، وهو ما يعزز المخاوف من امتداد تأثير التنظيم إلى شمال إفريقيا.
المغرب يواجه اليوم هذه التحديات عبر تعزيز التعاون الأمني مع الشركاء الدوليين، تطوير قدراته الاستخباراتية، وتوسيع نطاق العمليات الاستباقية. الرسالة واضحة: لا مكان للإرهاب في المغرب، وكل محاولة للمساس بأمنه ستُواجه بحزم وسرعة. نجاحات اليوم تؤكد أن المملكة ليست فقط في موقع الدفاع، بل في مقدمة الدول التي تقود الحرب ضد الإرهاب، ليس فقط لحماية نفسها، بل لحماية المنطقة والعالم من خطر داهم لا يعترف بالحدود.