نجيبة جلال/
ليس لأنه بلا وجه، بل لأن المجتمع محا وجهه قبل أن يُولد.
هو ابنُ الخطيئة… دون أن يقترف ذنبًا.
ولد من رحم أمٍ لم تختر… بل فُرض عليها الخيار.
أمٌ خُدشت في صمت، وخُذلت من أقرب من كان يفترض أن يحميها: والدها.
نعم، أبوه هو جدّه.
وأمه… أخته.
هنا، لم يتناسل الدم… بل تكاثر الألم.
وما أشدّ قسوة أن تُجبر أمٌ على حمل جرحها تسعة أشهر،
أن تُصبح الشاهدة، والضحية، والحاضنة لجريمةٍ مكتملة الأركان،
ولا أحد يسأل: وماذا عنها؟ وماذا عن ذاك الكائن الذي سيُرمى عليه العار من أول صرخة؟
القانون صامت.
وصمته جريمة أخرى.
في هذا الوطن، تُمنع النساء من الإجهاض، حتى في حالات الاغتصاب، وحتى في زنا المحارم.
كأن القانون لا يرى، لا يسمع، ولا يتخيل للحظة أنه قد يُوجد داخل جسد أنثى حُملت قسرًا بجنين الخوف والعار.
نداؤنا واضح:
متى يدرك المشرّع أن الإجهاض، في مثل هذه الحالات، ليس خيارًا بل ضرورة؟
متى يُفهم أن إجبار أمٍ على إنجاب طفلٍ من والدها هو عنفٌ مضاعف؟
هو إجهاضٌ للعدالة قبل أن يكون إجهاضًا للجنين.
متى يصبح القانون أرحم من الوحش الذي اغتصب؟
هذا ليس نداءً نسويًا فقط،
بل نداءٌ للضمير الإنساني، وللقانون الذي يُفترض أن يُنصف، لا أن يزيد الكارثة ثقلاً.
في المغرب:
لا يزال الإجهاض يُجرَّم بموجب الفصل 449 من القانون الجنائي،
ولا يُسمح به إلا في حالات استثنائية ضيقة، وبشروط معقدة ومجحفة،
رغم التوصيات الحقوقية المتكررة، ورغم المآسي التي تتكرر في صمت.
حتى في حالات زنا المحارم، وحتى حين تكون الضحية قاصرًا،
لا يُنظر إلى إنسانيتها، ولا إلى فظاعة الجريمة،
بل يُحكَم عليها بالمؤبد النفسي، ويُجبر رحمها على احتضان لعنةٍ لا اختيار لها فيها.
لذلك نطالب بـ:
تعديل عاجل للفصل 449 وما يليه، للسماح بالإجهاض الآمن والمجاني
في حالات الاغتصاب، وزنا المحارم، والتشوهات الخَلقية، وكل ما يُهدد الصحة الجسدية أو النفسية للأم.
تجريم الصمت المؤسسي، وإحداث وحدات استقبال مختصة بضحايا زنا المحارم،
تضمن لهن الحماية، والدعم النفسي، والمرافقة القانونية.
تحرير القانون من ضغط الفكر المحافظ المتخشب، ليصير أداة إنصاف، لا أداة قهر إضافي.
لأن كل طفل يولد من رحم الجريمة دون أن يُسأل،
وكل أم تُجبر على أن تحتضن جرحها إلى الأبد،
هو فشلٌ جماعي لنا جميعًا.
هذا نداءٌ للضمير،
نداءٌ من أجل حق الحياة بكرامة،
نداءٌ لحماية الضحايا… قبل أن نصنع ضحايا جدد.