إكسبريس تيفي – نجيبة جلال
شهدت محاكم المملكة تشددا غير مسبوقا في قرار توقف المحامين عن تأدية واجبهم في تمثيل المواطنين وصيانة حقوق الدفاع لموكليهم. القرار جاء كردة فعل على مشروع القانون الضريبي، و كأن المتقاضين هم من حرروا النص التشريعي!
التصعيد في طيه عنف و تعنيف خطير تجاه المواطنين الذين لجؤوا إلى القضاء بغية نصرتهم و انصافهم، فإذا بهم يجدون أنفسهم في ملفات دون محامي يدلي بوثائقهم و يترافع من أجل متطلباتهم أو يقدم دفوعا في ملفات قد تضر مصالحهم أو تدينهم….. و اليوم تم إدخال ملفات للمداولة في غياب تام لدفاع هؤلاء المواطنين و لربما أسفرت المداولة عن اعتقال، أو ضياع تعويض أو إدانة. في كل هذه الحالات، المتضرر الأول و الاخير هو المواطن المغربي الذي يجد نفسه أداة لتصفية حساب المحامي مع الدولة.
المحامي الذي برر وقفاته في بداية هذا التصعيد، بكونه يحمي جيوب المواطنين من قانون ضريبي مجحف هو نفسه اليوم الذي قد يتسبب في إدانة متقاضين أو ضياع حقوقهم في غياب تام لمؤازرة يكفلها الدستور المغربي وقوانين المساطر الجنائية و المدنية.
لا يمكن إلا التساؤل حول مسؤولية المحامي في هذه القضايا، و لا يسوغنا الا التوجه إلى أعلى سلطة في البلاد للتدخل السريع في هذا الملف، و ليس فقط بشأن هذه الوقفة.
المشاركة في تدبير قطاع كالقضاء، أحد أهم اعمدة الحكم في البلدان، هو تشريف تمنحه الدولة للمحامين و تكليف لأنه قطاع الحق و نصرة المظلوم، ليس للشغب و البلطجة مكان فيه، الرهان كبير و الخسارة عظيمة اذا ما اخلف المحامي الميعاد.
في ملفات سابقة، أشرنا إلى أن التضامن بين المحامين شيئ رائع ما لم يضر ذلك بمصالح العباد.ملف مواطن حرمه تضامن المحامين من حقه في الدفاع
اذكر ملف كان يختصم فيه محامي مع رئيس جمعية فتخلف محامي هذا الاخير عن جلسات المحاكمة، و تم يومها إنزال قوي لمحامين يطالبون باعتقال هذا الشخص لأنه خصم زميل لهم، و كأن القاضي يحتاج إلى هذا الإنزال لإصدار حكمه و تبيان الحق.
المشكلة أن الهيئة تضامنت حينها مع المشتكي لأنه زميل داخل هيئة المحامين و في ضرب صارخ لحق الدفاع حوكم ذلك المتقاضي دون أن يتسنى لدفاعه الترافع من اجله.
يومها كان المتضرر من تضامن المحامين شخص وحيد لاحول له و لاقوة، دخل السجن و قضى مدته و لم يجدي حينها ما كتبناه شيئا. …اليوم، المتضررون كثر، فهم بعدد الملفات التي قررت المحاكم اليوم إدخالها إلى المداولة.
المتضررون أيضا هم محامون يسبهم و يعنفهم زملاؤهم لأنهم يروا في هذا التوقف عن عملهم خذلان لموكليهم و لرسالتهم و هم اليوم بين مطرقة المسؤولية المهنية و سندان مؤاخذة الزملاء….
الخلاصة هي أن كل شيئ زاد عن حده، انقلب إلى ضده، و لا محالة أن تدخل السلطة القضائية أصبح ضروريا لان وسط عبث البعض تضيع حقوق الكثيرين، لأنه في النهاية، يبقى المحامي مواطنا مغربيا له نفس الحقوق و نفس الواجبات!