إكسبريس تيفي : بقلم الأستاذة نجيبة جلال
ما حدث في البرلمان الأوربي، نتيجة حتمية لانتعاش الديبلوماسية المغربية والاختيارات السيادية التي عرفتها الخارجية المغربية في السنوات الاخيرة.
ليس من تفسير لإدانة المغرب من طرف البرلمان الاوروبي، بملفات أُخرجت من الخزانة الباردة إلا أنها اصطفافات حديثة ترعرعت في الوسط السياسي الأوروبي لمعاقبة المغرب على تميزه، وبكاء القارة العجوز على ما خسرته من امتيازات في المغرب، اصطفافات بطعم المؤامرة والابتزاز لدعم موقف أعداء المغرب الذين، إلى أمد غير بعيد، كانوا قلة قليلة.
ولكن أن تصل الأمور إلى تسخير البرلمان الاوروبي لمهاجمة المغرب فهذا لا يمكن وصفه إلا بالسقطة التاريخية لمؤسسة حادت عن مهامها وأبانت عن الوجه الحقيقي للممارسات المقيتة لفكر إستعماري يود إبقاء المملكة كبقرة حلوب لا حق لها في اختيار شركاء حقيقين بمنطق رابح – رابح.
البرلمان الاوروبي أخرج ملفات حقوق الإنسان والصحافة والتجسس والرشوة للضغط على المغرب من أجل إبقائه تحت الوصاية، ورفضه للإتفاق المغربي مع شركاء آخرين بالخصوص إتفاقية المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل…. تجاذب قوى، لأن الكل يعلم أن ترتيبات النظام العالمي الجديد لا زالت تعرف مخاضها… اين توجد الثروة؟ الكل يسيل لعابه امام بوابة افريقيا، سباق في أوجه.
واجهه المغرب بذكاء، وفي كل الخطوات اتبثت الديبلوماسيةً المغربية انها اليوم ترفض الاستغلال و انها مستعدة للايجابية في المعاملات شريطة احترامً توابث المملكة و معاملتها بالند لا بالفوقية و منطق الوصاية.
وكم هو سهل أن نفهم اليوم من استغل بعض ضعاف النفوس لتجييشهم مقابل مصالح ضيقة أو دريهمات معدودات ليكونوا بهم شبه معارضة بئيسة لمساومة المغرب في ثروته.
أخطاؤنا الداخلية هي أيضا معروفة. فللاسف، لم نشتغل بجدية على جبهتنا الداخلية وتفتت مجهودات الكثير ممن يدعون النخبوية والنضال في ملفات لم تكن لديهم حتى كل حيثياتها.
اتحدث عن التصعيد القوي الذي واجهت به بعض الجهات اتفاقية استئناف العلاقات مع اسرائيل. علما ان المغرب في الحقيقة اتخذ قراره بخلفيات لم تكن في يد من يضربون يمينا وشمالا في احترام المغرب لالتزاماته التاريخية تجاه فلسطين بالرغم من صدور بلاغ ملكي في الامر يعبر فيه بوضوح تام عن التزام المملكة بذلك.
أتحدث أيضا عن التعبئة الإعلامية والمدنية التي كان يجب ان تكون الصحافة طرفا فيها وأن تكون هيآت المجتمع المدني نصير لها لأن الجبهة الداخلية هي رأي عام يقوده وطنيات ووطنيون لا يبيعون ولا يشترون.
تم للأسف إقصاء خطير لأن من آلت إليهم الأمور لم يروا خطورة نزعتهم المصلحية التي جعلت المغرب يجري بسرعتين، ديبلوماسية ذكية وحاضرة من جهة وإعلام ومجتمع مدني يشتغل بمنطق المصالح.
ما وقع اليوم في البرلمان الأوربي هو جواب على إتفاق الرباط بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل ودرس لتغيير مسار قطاعين على وجه السرعة لمواجهة أعداء الوطن.
لا يمكننا طبعا إلا ان نتوقع الآن ردا للمغرب، ذكيا كما اعتدناه، وقويا كما اختاره المغرب ملكا وشعبا، وكما هم اصطفوا آن الاوان لإصطفاف داخلي يقطع فيه الكل مع الضرب أو الانتقاد المخرب لاختيارات البلاد، آن الأوان للقطع مع النضالية المزيفة ومرتزقة المصالح في الداخل والخارج.
