إكسبريس تيفي/
في إطار الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا الذي أقامته مؤخرا جمعية أبي رقراق تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، سير الناقد السينمائي و الكاتب مبارك حسني حفل تقديم مؤلف الكاتبة والفنانة التشكيلية لبابة لعلج “الحب والفن” ، وذلك إلى جانب مؤلفات كل من المبدعين و الباحثين و النقاد عبدالكريم واكريم، عز العرب العلوي لمحارزي و عائشة بلعربي. يتيح هذا المهرجان النموذجي للسينمائيات من مختلف المشارب العربية والإفريقية والدولية إمكانية التداول في شؤون المهنة وتعزيزها بالفكر و الأدب، وتبادل الخبرات والتجارب، وطرح القضايا المتعلقة بظروف الممارسة، ومناقشة شؤون المرأة من خلال المنجزات الفيلمية.
في هذا السياق، أبرز الكاتب والناقد السينمائي مبارك حسني، في قراءة نقدية له خلال هذا اللقاء أن “مؤلف لبابة يسعى بالإضافة إلى بعده الجمالي، إلى تمكين القارئ من زاد ثقافي وفكري”، مشيرا إلى أن لبابة تحتفي بالجمال باعتباره نقطة تقاطع بين الحب والفن، وغايتهما.
يقول في هذا الصدد : ” لبابة لعلج فنانة تشكيلية و شاعرة. فهي تمزج بشكل مبهر بين فن كتابة الشعر و فن الرسم. إذ تمتلك هذه الخاصية الجميلة التي تتمثل في إغناء رفوفنا بكتب نتذوق معها الإيقاع الشعري و هو يقيم حوارا مع أسماء لامعة في عالم الأدب، و الفلسفة، و التصوف، و القيم الروحية، و الفنون سواء من الغرب أو من الشرق، من المتوسط أو الأقصى. إنها سمة مميزة يسهل نعتها بالموسوعية نظرا للكم الهائل من المرجعيات و الاستشهادات المدمجة داخل النصوص و الأبيات الشعرية حتى يكون جزءا من كل لا يضاهى، دال و ذي معنى .
الكتب بهجة العيون و مصدر لذة للفكر. إن جل أعمالها الوفيرة تتألف من إبداعاتها التشكيلية و أشعارها، فهي تُقرأ و تُتأمل في الاتجاهين معا. من بينها، يمكن الإشارة إلى ” شعر وتشكيل ” و “السعادة و الفن” و “الزمن و الفن” و “الرقص و الفن” و غيرها من الأعمال الأخرى. إن الكتاب الذي تم تقديمه خلال هذه الصبيحة الجميلة ضمن فعاليات المهرجان الدولي لسينما المرأة بسلا يحمل عنوان ” الحب و الفن” و يتألف من ستة أجزاء : أسطورة الحب، و القلب سيد الحب، و مديح الحب، و البحث عن الإله الحي، و التضحية و الحب، و حب الفن، و فن الحب . هكذا، يتعلق الأمر بقصائد تعيد قراءة الأساطير اليونانية، و التصوف الإسلامي، و الحكمة الأسيوية، و كبار المبدعين في حقل الأدب و الموسيقى، و الفن التشكيلي. فإلى جانب كونها مصدر لذة كما هو شأن الشعر و الفن عموما، فهذه القصائد تلعب دورا تثقيفيا و تساهم في إغناء الفكر كما أشار إلى ذلك، في التمهيد، الجامعي و الناقد الفني كلود ملان : ” ستغني لبابة لعلج ثقافتكم بأجمل الطرق ” .
نعم، ” إنه الكتاب- الصورة” كما عبر عن ذلك الباحث و الناقد مصطفى النحال في التمهيد الثاني. تستكشف لبابة لعلج تيمة الحب في بحثها الدؤوب عن تعبيره كتجربة لدى من جعلوا منه قصة أو أسطورة أو حكاية عبر العصور، أو لدى من، ببراعة، كتبوا أشعارا و روايات أو من خلال الأعمال التصويرية. فنحن نركز على الجمال المنبعث منها حينما تدفعنا لبابة لعلج إلى قراءتها و إمعان النظر فيها، لأن الجميل هو نقطة التقاء بين الحب و الفن. كلاهما يضفيان صفة الجمال على المواضيع و عشاقها الشغوفين.
متى تناول الفنان تيمة الحب في أعماله، كتب له الخلود و صار ساميا بالمعنى الكانطي للكلمة. هذا هدف الكتاب، إذ يظهر كل ذلك جليا من خلال توالي الصفحات عن طريق القصيدة أو اللوحة. شعور مزدوج بالمتعة من وجهة نظر لبابة لعلج باعتبارها امرأة و خالقة الجمال في الآن نفسه، ما يمنح تجربة موغلة في الخصوصية “. وكشفت لبابة، خلال هذا اللقاء ، أنها تتبنى الأسلوب “الموسوعي” الذي تشكل عبر تجربتها في فرنسا حيث أرست علاقة مثاقفة وتفاعل مع العديد من الأشخاص من عوالم مختلفة مما أعطى لمسارها الإبداعي والتشكيلي زخما وعمقا، مشيرة إلى أن مؤلفها هذا ينفتح بشكل كبير على عوالم “النساء، والعالم، ويحتفي بالحب”. وبعد أن ذكرت بالاهتمام والعناية التي تم إيلاؤها فلسفيا للحب، من خلال كتابات كانط وديكارت وأفلاطون، أكدت أن الحب ما يزال يمثل “مصدر بهجة الوجود، ويكتسي حضورا طاغيا في الحياة البشرية”. ويسعى مؤلف “الحب والفن” ، من خلال قراءة تاريخية وفلسفية ودلالية وتأويلية ولغوية إلى مقاربة وتمثل الصور التي يترجم من خلالها الحب والفن اليقينيات والشكوك والتطلعات والطموحات والخيبات، وهو ما يتجلى بشكل جمالي في لوحاتها ونصوصها، عبر الجمع بين الكتابة و التشكيل.
تعد لبابة لعلج، التي رأت النور في رحاب مدينة فاس، فنانة تشكيلية وكاتبة غزيرة الإنتاج، وعضوة رابطة كاتبات المغرب وكذا عضوة المكتب الدائم لرابطة كاتبات إفريقيا. وسبق لها أن حصلت سنة 2019 على الدكتوراه الفخرية من المنتدى الدولي للفنون الجميلة. من المنشورات حول تجربتها : «بزوغ غرائبي»، «عوالمي»، «المادة بأصــوات متعددة»، «تجريد وإيحاء»، « سيدات العالم: بين الظل والنور». من مؤلفاتها الأدبية (كتابات ولوحات): «شذرات»، «أفكار شاردة»، «أيقونات التشكيل بصيغة المؤنث»، « تصوف وتشكيل » ،« ملحون وتشكيل » ،« شعر وتشكيل»، «همس الصمت»، « موسيقى وتشكيل » (الجزء الأول والجزء الثاني) ، «العيش مع الذات»، «العيش المشترك» ،« رقص وتشكيل»(الجزء الأول والجزء الثاني)، « الموت والفن »، « الزمن والفن »، «طريق النور»، «الجمال والفن»، «صوت باطني»،« الحقيقة والفن »، « الحرية والفن»، «السعادة والفن». من مؤلفاتها قيد الطبع (كتابات ولوحات): «الخيال والفن»، «الصحراء والفن»، «الذاكرة والفن»، » الطبيعة و الفن» ،«الحلم والفن»، «بيان غنائي»، «الجنون و الفن»…