في انطلاقة قوية ومثيرة على القناة الأمازيغية المغربية، يأتي برنامج حكاية قرية ليكشف لنا عن أسرار وتفاصيل مغربٍ أصيل يعيش في عمق الجبال والسهول. هذا البرنامج ليس مجرد استعراض للقرى المغربية؛ إنه دعوة لاستكشاف الروح القوية والمتجذرة لسكانها، والحكايات التي تجعل من القرى عالمًا مليئًا بالأصالة والدفء والحكمة. وفي أولى حلقاته، يأخذنا البرنامج إلى قلب الأطلس المتوسط، إلى قرية “تسراولين” النائية، حيث ينتهي العالم العادي ويبدأ عالم الحكايات.
وسلطت الحلقة الأولى الضوء على “تسراولين”، القرية التي لا تعرف الهزيمة أمام قسوة الجبال. تقع هذه القرية على ارتفاع شاهق في إقليم ميدلت، تُحاصرها جبال الأطلس من كل جانب، وكأنها قلاع طبيعية تحرس عراقة تاريخها وأسرارها التي تتناقلها الأجيال. هنا، كل حجر وكل منعطف يروي حكاية، وكل عائلة تحتفظ بأسرار وتقاليد تعود لقرون مضت. هي ليست مجرد قرية؛ إنها عالم يحتفي بالقوة، ويمجد الصلابة التي ورثها أهلها من الحياة القاسية.
يمتاز سكان تسراولين بصبر لا يُقاس وقدرة على التكيف مع بيئة غير سهلة، إذ تتطلب الحياة هنا إرادةً فولاذية، لاسيما مع شتاء لا يرحم وصيف قاحل. إنها صراع مستمر بين الإنسان والطبيعة، حيث يصمد السكان بحكمة الأجداد وإرادة الشباب الذين يتحدون المصاعب ويبحثون عن حياة كريمة في أرضهم.
وفي هذه الحلقة، التقت بشباب تسراولين، الذين قرروا البقاء وعدم الهجرة، متحدين كل التحديات. ورغم أن الطريق إلى القرية واحدة ومعزولة، إلا أن طموحاتهم تنطلق في كل الاتجاهات، عازمين على تغيير واقعهم والعمل جنبًا إلى جنب مع آبائهم وأجدادهم. يعيش هؤلاء الشباب بين صلابة الجبال وصلابة التحديات، حاملين أفكارًا للتطوير وأملًا كبيرًا لمستقبل أفضل.
وتشتهر تسراولين بكونها “حدّ الرجل”، كما يقول أهلها، إشارة إلى أنها آخر محطة يمكن للمرء أن يصلها قبل أن يكتشف عالماً خاصاً لا يشبه أي مكان آخر. هنا، لا يصل إلا من يملك الجرأة لاكتشاف الطبيعة الصعبة والحياة البسيطة، ومن يرغب في الغوص في حكايات تختبئ بين جنبات الجبال وتحتفظ بها الصخور والأودية.
وتستعرض الحلقة قصصًا مليئة بالشجاعة، والمواقف النبيلة، وأسرار الحكمة التي تُروى في ليالي الشتاء الباردة حول النار. إنها حكايات من الماضي تستمر لتعيش في الحاضر، لتصبح جزءًا من حياة أهالي تسراولين، وجزءًا من هويتهم وروحهم.
وفي “حكاية قرية”، ليس هناك فقط استكشاف للقرى المغربية، بل هو استكشاف للروح الإنسانية في أقصى تجلياتها. ويقدم البرنامج صورة حية عن سكان تسراولين، والقرى الأخرى التي ستتبعها، ويفتح نافذة على قيم الصمود، التقاليد، والتعايش مع الطبيعة، حيث يجسد هؤلاء السكان صورة المغرب المتجذرة في الأصالة والكرامة.
“حكاية قرية” ليس مجرد برنامج؛ إنه دعوة للغوص في عوالمنا البعيدة، والاقتراب من تاريخنا الحي، وفهم قلوب مغاربة صامدين يعيشون في أماكن قد تبدو بعيدة، لكنها تحتفظ بجزء من هويتنا المشتركة وتكشف عن جوهر مغرب يتنفس الأصالة والتنوع.