في حوار على وتر الإبداع، يحل الفنان مراد الأسمر ضيفاً على “إكسبريس تيفي”، في كلمات عن ” راضية عليك” وعن الأم والأب، وعن الموسيقى والتشكيل، الحاضنين له في مقاطع الحياة وتلاوينها…
في أسئلة تمزج بين الفنان والإنسان فيه، نحاوره وننسج حديثا بنيانه العفوية…
“راضية عليك” آخر ما أصدرته، رافقك فيها فنانون وغيرهم، على أي مبدإٍ اخترت الوجوه؟
– لم يكن اختياراً بناءً على مبدإ، بل كان اقتراحاً، ثمة من أسعفته الظروف ومن لم تسعفه على السواء.
وموضوع الأم ليس تجارياً، إنما عاطفيا، هو موضوع للروح، الكثير أرادوا أن يشاركوا، لأن لكل واحد منهم قصة، فإما الأم غائبة متوفاة، أو حية تُرزق.
هم فقط تأثروا بالموضوع، وأرادوا المشاركة، وشكري لهم كلٌ باسمه، وهناك من لم يستطع المشاركة لأن المساحة الزمنية للأغنية لا تسمح، ويبقى الجميل هو تلك اللمة في أعمال متحدة بين الفنانين، وهذا هو المراد.
على سبيل الطرافة، “راضية عليك” لمسة وفاء للأم كما صرحت، ماذا عن الأب؟
-الأب لديه مكانته وقدسيته واحترامه، لكن كما أقول دوما؛ الأم هي أجمل شيء خُلق في الكون، هي العطاء اللامشروط، بصراحة هي أكثر من كل شيء، وهذا ليس قولي لوحدي، بل القول النبوي” الجنة تحت أقدام الأمهات”، ولا أضاهي هذه القولة العظيمة. وغير ذلك هو إحساس، غريزة عند بني البشر أو الحيوان، عند كل الكائنات، فالأمومة شيء عظيم!
وإجمالا، دام للكلِ الأب والأم على حد سواء.
ما البارز في دواخل مراد الأسمر، شخصية التشكيلي أم الموسيقي؟
– التشكيل أو الغناء أو الموسيقى، عائلة واحدة في نظري، غير أن الكفة الأرجح، حالياً، للموسيقى والغناء، لكنني أمارس هوايتي الثانية( الفن التشكيلي)، وأشارك أحيانا بهذه الصفة في المعارض والتظاهرات، ولما كبُرت اكتشفت شيئا فشيئا ميلي لهذين النمطين الفنيين معاً.
الأمكنة في حياة مراد الأسمر في كلمات؟ وما نصيب الحي المحمدي من ذلك في قلبك؟
-الأماكن لديها أثر خاص في نفسي، ومن بينها ” الحي المحمدي” بالطبع، وهناك أماكن أخرى في منطقة ” الشاوية”، في البادية تحديداً، حيث قضيت أوقاتا طويلة جداً وأنا في غمرة الكتابة والغناء وبإلهام شديد.
لكن “الحي المحمدي” بالدار البيضاء، أكن له محبة خاصة، بالمختصر، الحي الحمدي هو أنا، هو الطفولة، الدراسة، حيث أبصرت، وعرفت فنانين كبار، كعائلة بطمة، وهنا أذكر ” سي محمد بطمة”، الفنان الذي أشاد بموهبتي في أيامها الأولى، واكتشفني بمعنى أصح.
هو حنين وذاكرة ماضية، أزورها بين الفينة والأخرى، ولا أخفي أنني، أحيانا، أركن سيارتي أمام باب مدرستي أو إعداديتي أو ثانويتي، في وقت من الليل، وأجلس وحيدا أتأمل، وأهيم في خانة الذكريات.
( يختم الحديث بابتسام)
أغانٍ ذات شجن؟ هل هي سمة مراد واتجاه سيره؟
-الشجن في الأغاني أو في صوتي، هو نتاج لتجارب في الحياة، ففي رأيي نحن الفنانون جميعنا، نتعرض لضغوطات في الحياة أكثر من غيرنا، أو ربما نستقبلها بحساسية أشد من الإنسان العادي، ولكن من حسن حظنا، أننا نحوّل تلك الآلام والأحزان إلى فن يُسعد الآخرين.
فالشجن لا يأتي صدفة، بل وليداً لظروف!
وعن نفسي، أحب أن أغنّي ما يُشبهني، لا تجرفني الموجة، وهذا ربما يُبطئ عملي، لكن في النهاية أحب ما أعمل، ولي جمهور يحبني بصدق في هذا اللون، وأظن أن أعمالي ليست كلها شجن، فقد تغنّيت بالوطن، وغنيت عن الحب كذلك، وللأطفال أيضا… ربما الناس أحبوا أسلوب؛ ” مرايا”، ” صبية”، ” الشمعة”…
ماذا يقرأ مراد الأسمر في العادة؟
-أقرأ سير الفلاسفة الذاتية، وسير عمالقة الفن وكيف عاشوا وسط إبداعهم، وكذلك علماء الدين والفكر، وبصورة منوعة.
أقرأ كتب ابراهيم الفقي ومقولاته، مصطفى محمود، جلال الدين الرومي، وهو ما أقرأ له كثيراً هذه الأيام، وأحب كثيراً قراءة كتب مضمونها الجياد والخيول، نظراً لولعي بالخيول، وتاريخها، وكيف جُلبت الخيول العربية للمغرب، وكيف وصلتنا سلالة الخيول “العربية البربرية”، الخاصة بالفانتازيا، هذا ما يستهويني حقاً.
وماذا تقرأ-مجازاً- في الأصوات حولك؟ هل يمكن لضوضاء البيضاء أن تلهمك؟
-أقرأ ما استجد من أخبار في العالم حولي.
حسب الأمزجة، يُلهمني سكون البادية أو البحر، وحتى ضوضاء “الحي المحمدي” أو الدار البيضاء، فكثيرا، دون نكران، تولدت منها أشياء، فالإلهام أو ملكة الإبداع فينا، ترافقنا أينما كُنّا، ربما يوجد حقل دون آخر تنشط فيه، ففي مرات متباينة، تتبادر لذهني جملة موسيقية وأنا على فراش النوم، وما يقع أنني أنهض من نومي وأسجلها بهاتفي، كي لا أنسى، ثم أخلد للنوم من جديد.
(يبتسم لحظة)
الأماكن الجميلة الهادئة البسيطة تلهمني والطبيعة، وصدقاً، حياة البشر وأيامهم تلهمني، بكل تناقضاتها.
في آخر هذا الحوار إقرأ ما شئت من كلام وسلام؟
-أحيي جمهوري داخل وخارج الوطن، عبر ” إكسبريس تيفي” صحيفةً وقناةً، وأتمنى أن تكون أعمالي دائما عند حسن ظن جمهوري الحبيب، فهو رأسمال كل فنان.
وإلى الملتقى طبعا، وبجديد فني في زمن غير زمن الوباء.