*لكل المواهب*
حقاً لكل المواهب، سلسلة حلقات مكتوبة، على صحيفة إكسبريس تيفي، بنَفَس البورتريه، وبسؤال الحوار، وبسحر اللقاء، وبتدوينات الرحلة والفكرة…
لكل نسمة فن في هذا العالم الفسيح، لكل صوت دافئ يكسر برود الأيام،
لكل زفرة تسابق الرياح، تعاند العاصف والعواصف، للخطوة، والخطى تسير…للشاعر، للماهر البارع، والرسام، لكل الأقلام، للكاتب واللاعب، للطباخ والسبّاح، للحادق واللاحق، لكل الخطوط، للكل حتما.
لقاء للقراء، فنيٌّ وأحيانا فني! مسائي ليلي، كل جمعة.
الحلقة الخامسة: ” أزرق اليمامة”
البطل: نبيل الخروعي
سيناريو: أشرف النقاش
تتذكرون بلا شك، أنتم، من أحببتم في ما مضى وقتاً، التلفزيون وصوره الساحرة زمناً، كان البث لا يقف، متتابع، متلاحق…متتالية من الألوان والأنوار،
وإن حدث وتوقف، تُرفع بين أركان البيت، كلمة” إنه النمل، إنها كتابته”، كان صوته ينطق دارجاً ب” التشاش”…
ما كان عجَباً هو ” سطوب”، وافد جديد على جهاز التحكم، يوقف البث باختيار شخصي، تقف الصورة وأيقوناتها، هكذا بدأ كل شيء عند موهبة الليلة، “قف فيقف”…
نبيل، عشرون سنة، من عدوة سلا، هنالك تحدث الصورة أعلاه، يوقف الحي من الصور، ليُحيي الميت منها، يرسم وجها أغراه، أثار حسه وحساسيته، لممثل، لبطل فيلم كرتوني، أو لشخص عابر على الهامش، تصيدته عيون الكاميرات المتلصصة.
لياليه بيضاء… دون الفصول وفيها
وجوه على كرسي الشهرة، وأخرى من وحي الخيال، زرقاء فقط، بقلم أزرق، لعلامة تجارية رافقت كل مغربي في سنين الصغر والكبر، يخط تجاويف البشرة، ومقلتي العين، وسوادهما، قناطر الأنوف رغم الأنوف، وينحت الأفواه تشققاتها، يخلق على قبر الورق.
ساعتان وساعتان، وقد تمضي سداسية من الساعات لأجل لوحة واحدة، لرسم واحد، ولوجه واحد لا وحيد.
أقرانه في حجرات الدراسة عاصرو وجايلوا الخيوط الأولى لموهبته، طفولة مرسومة هي… ويرسم نبيل من الكلام ما قدِم:
“الرسم لا يحتمل هامش خطإٍ، تدقيق ما بعده تدقيق، هو كذلك، تركيز وفرار من كبد حائم محموم”.
من جيل رائد… إلى الحالي السائد، عمن أضحكوا وأدمعوا…
يزيد بلة كلام…
” طفل يعاني، وآخر النفس يمنّي، أرسم أي شيء أشعر به، ما وقعت عليه عيني يعنيني”…
يروي نبيل عن أيام غزارة الإنتاج، لما أمطر قلمه خطوطا زرقاءَ على أرض الورق البيضاء، في فترة الاحتواء والعزل الصحي، في أبريل وماي ويونيو، في شهور الهدوء الخارجي، التباعد البشري، وفي دواخله، جلبة إبداع وتقارب جمالي…
كله في فترة الفائض الزمني، الذي جلب حيرة واستفهام.
وما القول يا نبيل!
” أريد أن أقول أن لكل شخص حسه الإبداعي، في كل شيء، فليخرج جميعنا من قوقعته، من راحته، فليختبر نفسه وأنفاسه، ليجد نفسه”
وفي تلك الشهور الثلاثة المذكورة، إسبانيا، وفي قلبها النابض فناً وحضارةً؛ مدريد، كانت إحدى رسومات نبيل في أحد مراكز الفن هنالك، متظاهرةً ضد العنصرية… رسم مغربي إفريقي بُعده أوروبي عالمي من أجل الإنسان.
عُرضت في المركز ذاك، وفي ما جاوره من مناطق على أرض الأندلس، وفي صفحات افتراضيةِ العالم.
في بهو البيت يُشخص قسمات الوجوه، هو الضيف في بهو الضيوف، وهي المقتبسة من أسفار جائلة، أو على كراسي الملاعب في لوعة صداها، على وقع الهتافات….خروج من الرتابة وتجديد للنفس، يراه هكذا نبيل، نبيل المندمج في تكوين تقني متخصص، والسابح في هوى الصورة والإخراج البصري.
طموحٌ وحلم ورغبة لدى نبيل، ومعه حبل أحلام، في طليعته معرض وجدارية على فساحة حائط عالي البنيان، بمدينته سلا.
حلم في الآتي:
“إن مات الفنان، أعماله لا تموت، تبقى خالدة”.