*لكل المواهب*
حقاً لكل المواهب، سلسلة حلقات مكتوبة، على صحيفة إكسبريس تيفي، بنَفَس البورتريه، وبسؤال الحوار، وبسحر اللقاء، وبتدوينات الرحلة والفكرة…
لكل نسمة فن في هذا العالم الفسيح، لكل صوت دافئ يكسر برود الأيام،
لكل زفرة تسابق الرياح، تعاند العاصف والعواصف، للخطوة، والخطى تسير…للشاعر، للماهر البارع، والرسام، لكل الأقلام، للكاتب واللاعب، للطباخ والسبّاح، للحادق واللاحق، لكل الخطوط، للكل حتما.
لقاء للقراء، فنيٌّ وأحيانا فني! مسائي ليلي، كل جمعة.
الحلقة السادسة: ” فهدٌ على براري الحروف”
البطل: فهد شيبوب
سيناريو: أشرف النقاش
غُربة القلم، كم هي قاسية على من يكتبون… الكُتّاب الحقيقيون لا يتحدثون، حاجتهم ليست في لسان، لا يتواصلون، يعبّرون… يقدّسون الصمت، يشاع أنهم عشاق للفراغ، يهيمون في العمى!
موهبة الليلة؛ من هؤلاء، أو أولئك، فهم بعيدون جداً، يحيون حياةً، أو يحاولون! كعنْونة الخالد محمد زفزاف.
“فهد شيبوب”، اسم من الطبيعة يبدأ، وإلى لونها المنتهي ينتهي؛ ليس أشيب الرأس ولا هديج الفأس، مُشتد العود، في شبابه، على ريعانه.
كان بالود أن يُسلّم له الجماح ليكتب، فالنفس تدري النفس، والمقامر بفضوله قد يحصد البأس…ولأنه حقا يكتب!
بيد أن كتابة العنعنة ليست كتابة اللملمة! تُراها هذه الجُملة السليطة؟ المعنى بيِّن، نكتب عنه فقط لا نكتب له، فالكتابة عن الكاتب، ليست بكتابة؛ مسمى مفتوح، وكذلك فهد وكذلك قلبه…
من أكادير، من قلاع سوس، من طينها وطميها، أول الحروف هنالك، وآنيها كذلك، على سن العشرين يقف، وسن الكتابة في حياة أدبه قد يعلى عن ذلك!
حيث يسكن، هضبة إسفلتية، تعقبها جبال تتراءى، تتلألأ ليلاً، وهو المرأى من نافذته على المحيط، على الجار جنب الجار… حي فرنسي النسب ” ليزامي كال”…
بياض الورق وبياض الوزرة، وبينهما بياض العين لمّاحٌ لما يجري، مُمرضٌ يقضي بياض النهار أيضاً داخل المستشفى، في جسر الحياة والموت، في الفاصل بين الوضّاء والحالك، وكم من حكّاء وساردة مرّوا منه، قد يكتبون وقد لا يكتبون، وعلى أسرّته الناصعة كتب فهد مرةً أو زيادة…
فهد في عناق لكتاب… لورق متواطئ… صورة بالألوان الحية، وصورة بلا ألوانها، بألوان لا نملكها!
هل تحلُم!
” لا أظن أن فهد يفعل ذلك!
هذا السؤال يذكرني بسؤال…
سؤال كنت أهرب منه، كان يباغتني في سنوات الدراسة الإعدادية.
ماذا تُريد أن تكون؟
أمقت هذا السؤال
أجدهم يطرحون السؤال الخطأ، على الشخص الخطأ!
السؤال الذي كنت أبتغيه أن يُطرح حينها، السؤال الصحيح: هل تريد أن تكون؟
لا أريد أن أكون!
طبعاً وقطعاً وجزماً…”.
فاصل صوتي صامت…
” ولا يهمني حتى فعل الكون، أكون أولا أكون! لا يهم”.
لماذا الصراع المحموم هذا حول فعل الكون؟ يتساءل فهد، يُكرر، يعاوده السؤال من جديد!
فهل هو قريب أم بعيد من هاملت، من الشخصية التي رممها شكسبير! من قولة مازالت في العالم وما يوازيه.
يحب كل الأجناس الكتابية والأدبية، والخاطرة تُوقعه في غرام بنائها، والأفضل أن يُقرأ له، القُرب من حروفه قُرب…
ولامفر ولابد …يكتب انتصاراً أو انهزاماً للقضية، الأهم أن يكتب للقضية، الأحب أيضاً، وله في قولة عزيز بنحدوش مقام” نحن لسنا كتاب أدب، نحن كتاب قضايا”.
قراءة تجدون فيها أشياء منه لا البواقي…كتابة لا ندري إن كانت في ذلك المشفى أو على تلك النافذة، أو على متون حافلة المساء العائدة…
طرقات عامل التوصيل تجعلني أهب في كل مرة لأفتح الباب متوهما أن أجدها أمامي كمساءات الماضي، تبتسم في وجهي وتتمتم برقة “لقد عدت” كل شيء يذكرني بها، انعكاسي على المرأة يجعلني أسترجع أصابعها الرشيقة وهي تنسق خصلات شعري الثائرة لقد كانت تخبرني أن طبيعة شعري الذي لا يأبى الانصياع لا تتوافق بتاتا مع شخصيتي تضحك بخجل، أعتقد أنني أدركت صحة كلماتها الآن، بالفعل فقد استسلمت تماما لسيل ذكرياتها الجارف، للحقيقة، لا أظن أنني استسلمت وأنا لم أقاوم منذ البداية ! .
[بتصرف…]
“إنه قوس قزح” . رفعت ناظري نحو إكليل الألوان البادي من بعيد، فوجئت، لم تكن تلك أول مرة أبصر فيها قوس الطيف؛ لكنها المرة الأولى التي اكتشفت فيها، بأن ما اعتبرته طوال حياتي أجمل ما في الوجود، لم يصمد لثانية أمام ابتسامتها الطفولية، أمام ملايير الكائنات الضوئية التي تراقصت حول خصلات شعرها[…]
” وجدت في الكتابة طبيبا مؤنسا، علاجاً نفسيا، حياتي واستمرارها مدينان لثلاث، الكتابة والقراءة وسينما الأفلام”.
وبالكتابة شُفيت جروح، وفُكت عِقال بسمات، واقترب من العشيرةِ خلانٌ.
القريبون إلى قلبه، المُضمرون خلف الكلمات، السابحون في فلك العبارات، في سحر وإثارة الشخصيات، بأثر الفرح وبغيره هم ومنهن، بترتيب وذِكر فهد: عبد الكريم جويطي، أوسكار وايلد، حنان الدرقاوي، عبد الله الطايع، محمد شكري، محمد زفزاف، جوزيف ساراماغو، خالد حسيني…”
والمُنتظر… فهد شيبوب