متابعة
يُجري القائمون على تطبيق إنستغرام تعديلات تستهدف “مزيدا من الحماية” لصغار السن، وتضمن للآباء الإشراف على المحتوى الذي يشاهده الأبناء على منصّة التواصل الاجتماعي.
وابتداء من أمس الثلاثاء، طرح إنستغرام ميزة الإشراف على “حسابات المراهقين” أو Teen Accounts في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وأستراليا.
وتواجه شركات التواصل الاجتماعي حول العالم ضغوطا لاتخاذ تدابير تجعل منصّاتها أكثر أمانا، وسط اتهامات بعدم اتخاذ ما يكفي من التدابير لحماية صغار السن من المحتوى الضار.
وفي المملكة المتحدة، وصفت الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال هذا التحرك من جانب إنستغرام بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح”، لكنها أضافت بأن شركة ميتا (فيسبوك سابقا) وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي في حاجة إلى اتخاذ المزيد من الخطوات في هذا الاتجاه.
وقالت راني غوفندر، مديرة الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال في المملكة المتحدة: “هذه الخطوة يجب أن تدعمها تدابير وقائية ضد المحتوى الضار والجنسي في المقام الأول”.
من جانبها، وصفت شركة ميتا – المالكة لمنصة إنستغرام- التعديلات بأنها “تجربة جديدة من أجل المراهقين، تحت إشراف الآباء بما يطمئنهم على أبنائهم”.
وكانت هيئة تنظيم الاتصالات في المملكة المتحدة (أوفكوم) قد أعربت في أبريل الماضي عن مخاوفها بشأن استعداد الآباء للتدخل من أجل حماية أبنائهم عبر الإنترنت.
وفي حديث الأسبوع الماضي، قال السير نِك كليغ، المسؤول التنفيذي الكبير في شركة ميتا: “أحد الأشياء التي نلاحظها … هو أنه حتى في ظل وجود هذه التدابير، فالآباء لا يلجأون إليها”.
إيان راسل، الذي شاهدتْ ابنته مُولي محتوى عن الإيذاء النفسي والانتحار عبر إنستغرام قبل أن تنتحر في سن 14 عاما، قال لبي بي سي، إنه من المهم للغاية أن ننتظر ونرى كيف سيجري تنفيذ السياسة الجديدة، مضيفا: “هل ستنجح هذه السياسة الجديدة أم لا؟، سنعرف هذا بعد تطبيق تلك التدابير”.
وأضاف راسل: “شركة ميتا ماهرة في عمل إعلانات كبيرة، لكن عليها أيضا أن تبدي شفافية وتشارك نتيجة تفعيل تلك التدابير”.
كيف ستعمل تلك التدابير؟
ميزة الإشراف على حسابات المراهقين، سوف تغيّر الطريقة التي يعمل بها إنستغرام مع المستخدمين من الفئة العمرية بين 13 و15 عاما، عبر عدد من الإعدادات يتم تشغيلها بشكل افتراضي.
ويشمل ذلك إضافة أدوات تحكُّم صارمة إزاء المحتوى الحساس من أجل منع الترشيحات لأي محتوى يمكن أن يكون ضاراً، فضلاً عن كتْم الإشعارات على مدار الليل.
وفي ظل التغييرات الجديدة، سيتسنّى للمراهقين اختيار متابعيهم الجُدد، ولن يكون ما يقدمه هؤلاء المراهقون من محتوى متاحا لغير متابعيهم.
وهذه الإعدادات لن يكون مسموحا بإدخال تغييرات عليها إلا عبر إضافة والِد أو وصيّ إلى الحساب، على النحو الموضّح أدناه.
وبذلك، سيتمكن الآباء، الذين اختاروا الإشراف على حسابات أبنائهم، من رؤية مَن يراسله هؤلاء الأبناء وما هي الموضوعات التي يهتمون بها – على أن الآباء لن يتمكنوا من الاطلاع على محتوى الرسائل.
وتقول منصة إنستغرام إنها ستباشر تحويل ملايين المستخدمين من المراهقين إلى التجربة الجديدة في غضون 60 يوما من إخطارهم بالتغييرات.
تحديد السِن
يعتمد النظام الجديد بالأساس على مصداقية مستخدميه بشأن أعمارهم – رغم أن تطبيق إنستغرام لديه بالفعل أدوات للتحقق من أعمار المستخدمين عند الشك في مصداقيتهم.
وفي الولايات المتحدة، بدءاً من يناير المقبل، سيشرع تطبيق إنستغرام في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للكشف عن المراهقين الذين يستخدمون حسابات أشخاص بالغين ولمنعهم من القيام بذلك.
وفي المملكة المتحدة، في ماي الماضي، أصدرت هيئة تنظيم الاتصالات تحذيرات لمنصات التواصل الاجتماعي بأنها قد تحدّد أسماء القاصرين (تحت سن 18 عاما) وتنشرها للعلن، حال أخفق هؤلاء في الامتثال لقواعد الأمان الجديدة عبر الإنترنت.
مات نافارا، محلل مختص بوسائل التواصل الاجتماعي، وصف ميزة الإشراف على حسابات المراهقين بالتغيير الهام، قائلا إن نجاحها يتعلق بتطبيقها.
وأضاف نافارا لبي بي سي: “كما خبرنا المراهقين عبر التاريخ، في مثل هذه السيناريوهات، دائما يجدون طريقة للتحايل، متى استطاعوا ذلك”.
إعادة الزمام إلى الآباء
على الرغم من تدابير الحماية الكثيرة على إنستغرام، وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، لماذا لا يزال صغار السن عُرضة للمحتوى الضار؟
في وقت سابق من العام الجاري، كشفت دراسة أجرتها هيئة تنظيم الاتصالات في المملكة المتحدة (أوفكوم)، أن كل الأطفال الذين شملتهم الدراسة كانوا قد شاهدوا بالفعل محتوى عنيفا عبر الإنترنت، ولا سيما على تطبيقات إنستغرام، واتساب وسناب شات أكثر من غيرها من المنصات.
باولو بيسكاتوري، خبير مختص بمواقع التواصل الاجتماعي، وصف الخطوة بأنها “هامة على طريق حماية الأطفال في عالم مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار الكاذبة”.
وقال بيسكاتوري إن “الهواتف الذكية فتحت الباب على مصراعيه أمام عالم من الزيف والمحتوى غير اللائق، وهو ما يؤثر بدوره على سلوكيات الأطفال”.
وأضاف بيسكاتوري: “ثمة الكثير الذي يجب فِعله لتحسين حياة الأطفال على مواقع التواصل، والبداية بإعادة الزمام إلى الآباء”.