*لكل المواهب*
حقاً لكل المواهب؛ سلسلة حلقات مكتوبة، على صحيفة إكسبريس تيفي، بنَفَس البورتريه، وبسؤال الحوار، وبسحر اللقاء، وبتدوينات الرحلة والفكرة…لكل نسمة فن في هذا العالم الفسيح، لكل صوت دافئ يكسر برود الأيام، لكل زفرة تسابق الرياح، تعاند العاصف والعواصف، للخطوة، والخطى تسير…
للشاعر، للماهر البارع، والرسام، لكل الأقلام، للكاتب واللاعب، للطباخ والسبّاح، للحادق واللاحق، لكل الخطوط، للكل حتما.
لقاء للقراء، فنيٌّ وأحيانا فني! مسائي ليلي، كل جمعة.
الحلقة الثانية: ” حب أبيض وأسود”(بورتريه)
البطل: اِسماعيل الجاي القريشي
سيناريو: أشرف النقاش
وجوه من عالم آخر، صامتة، في جوفها قصة، على بياض الورق، نادرًا حمراء، دوماً سوداء وبيضاء، رقعة شطرنجية يابانية، ومنبعها ياباني، ومن يخُطّها مغربي، بيضاوي، عشريني، شوقه لذاك البلد، وطائرة لعاصمة البلد( طوكيو) ومعرض مستقبلي، مهما كان البلد، فالبلد في مدائن موهبته.
أجساد من وحي يوحى، من وحي اللحظة، من عشق دفين في قلب اسماعيل، بمداد هجرة خيالية لأرض اليابان، لرقعة صناعة الأنمي، كلها ترسم باستلهام من صور الأنمي، وأجزائه المشوقة… يُوقف اسماعيل اللقطات، ليختار لقطته، ليخلُقها، ليضعها في فنه، في حركة ساكنة، لقول شيء عبرها، ولاسماعيل عاشق الأنمي، فرجةً ورسماً، لقطات في لقطات…
أشواق ملونة…شوق أبيض
بدأ ببراءة، هلّ الحلم في بواكير الأيام، في عمر طفولي بالدار البيضاء، من صور التلفزيون إلى ورق شفيف، خط خطوطه لمس جدار الرغبة…
من جلي القول، يعبر اسماعيل:
” لا أحب رسم البورتريهات البشرية، المتخيلة الهلامية ما أحب صدقاً”.
دراغون بول، مذكرة الموت، والمحقق كونان الذي ارتدى ألسنا كثيرة منها العربي، وقائمة تطول من رسوم أنمي ياباني.
شخصيات ليست بكرتونية، شخصيات لليافعين فحسب، هكذا اسماعيل ولو في سن صباه، في سبع أو ثمان، ترجعه الذكرى والذاكرة.
تفعل به نفس الشيء، في اتقاد لوعة إبداعه، في لحظات انحناء جبينه على البياض، في لحظات يستلُّ فيها القلم الرصاصي، والقلم اللّبدي، في لحظات اعتكاف واكتناف على ضوء المكتب، لا تفوق ساعة أو ساعتين، والرسم في مرآة العين جاهز!
لا يرسم الطبيعة، حتى وإن كان من عشاق الغابة والبحر، حيث لمجة على طبق اللذة، تجمعه لوحده لقاءَ ذاته، بعد عصر وقبل مغرب وغروب.
” لابأس في رسم شخصيات كرتونية، هي ملامح، وملامحها محبوبة لدي”
ما أَحَبه، له في جغرافية ورقهِ مكان…
أشواق ملونة… شوق أسود
” لا أحب الألوان، لا أنسج علائق بينها، لكن أحترم كل الفنون والألوان”
برحابة صدر للاختلاف، ورسم محايد، لخريج حديث من قسم الاقتصاد بالجامعة، عالم عمله بين الديكورات والأثاث المنزلي، فيه صيد الألوان أساس، لكن اسماعيل الرسام ديكورٌ بلون، وتعبيرٌ بلون، واحد أحد، وعادة يتسلل الأحمر لداعٍ ذوقي.
ليل اسماعيل رسم، ونهاره أيضا رسم، رغبات القلم لا يجديها انتظار، وفي فترة الاحتواء الصحي، حيث الليل يشبه النهار، رسم اسماعيل أُفقا آخر…
بعد حضور متدرج على الانستغرام، كان السفر إلى اليوتوب، عرض خلاّنه من الشخصيات في مقاطع توثق “روتين الفنان”، كيف تتمخض الأفكار، كيف تسقط الألوان تباعا، كيف تُرسم العين والأنف والصدر وإن تفرقت، هي اجتمعت.
” أعجبت رسوماتي الناس، هي من الناس وكان قرار مشاركتها مع الناس”
بدأ طريق المعرفة هكذا، وتحملق عدد من المتابعين باستئذان ودونه، من أجل فن فقط، ليس له أفول عن جودة الصورة والمونتاج، هي جذب ثان من زاوية نظره.
أشواق ملونة… شوق أو حب أبيض وأسود!
بالأبيض والأسود، دوما، تعيش شخصيات اسماعيل، لآلام الإنسان وآماله، لما يكسر الخاطر ويجبرها، لجراح غائرة ومندملة، للوني الحياة، للأسود والأبيض…
يُحب المغامرة في فنه، ومازال في رفوفه ما يُكتنز وما لم يرَ، والأعين نحو يابان فيه هذا الفن سائد، كائن في الذوق العام، وإن كانت يابان هنا فهو على أهبة الاستعداد لغزارة قلمه ورِفعة علمه.
وللقطة من تلك اللقطات…
للموت في قاموس اسماعيل، حياة:
“سأموت رساماً، وسأحيا”