بثينة “دنيا الأقراط”… عشرينية بمائة قرط وخمسة أبناء قطط!

بثينة “دنيا الأقراط”… عشرينية بمائة قرط وخمسة أبناء قطط!

- ‎فيمنوعات, واجهة
117307BD 438F 407E 9003 ACA3ACE15CFD
إكسبريس تيفي

*لكل المواهب*
حقاً لكل المواهب، سلسلة حلقات مكتوبة، على صحيفة إكسبريس تيفي، بنَفَس البورتريه، وبسؤال الحوار، وبسحر اللقاء، وبتدوينات الرحلة والفكرة…

لكل نسمة فن في هذا العالم الفسيح، لكل صوت دافئ يكسر برود الأيام،
لكل زفرة تسابق الرياح، تعاند العاصف والعواصف، للخطوة، والخطى تسير…

للشاعر، للماهر البارع، والرسام، لكل الأقلام، للكاتب واللاعب، للطباخ والسبّاح، للحادق واللاحق، لكل الخطوط، للكل حتما.
لقاء للقراء، فنيٌّ وأحيانا فني! مسائي ليلي، كل جمعة.

الحلقة الثالثة : ” طبق لذيذ لا يؤكل!”
البطلة: بثينة حساين
سيناريو : أشرف النقاش

C297883A 0868 4048 9DE6 A56A6B304F27

مَضرب مَثلٍ في الإصغاء والطاعة، يُقال في ليالي الزواج الأولى، في أي خطوة تُظن بها بركة، يؤخذ حيطة، لا يؤاخذ عليه…
” حطيها حلقة( قُرط) في وذانك”، سمعناها، أو ربما عشناها، انبعثت مرة ودونما مرة من “صندوق التلفزيون”، في مسلسل ما بعد الظهيرة مثلاً، تقولها المصرية، المغربية، السورية، المشرقية والمغاربية،عموماً، حكيُ بالبنات لصيق، وحديث نسوة هو…
لماذا مقدمة مرتجلة على نحو كهذا، بالبسيط الفصيح، بطلته من هنا رفعت ستار البداية، من الرمزية الثقافية للأقراط( الحَلقات أو الطوانق بالتعبير الدارج)، هي بثينة، من أرض مكناس، في سن العشرين، وصنعت من الأقراط أكثر من عشرة وعشرين، سنوات ونيف في عالمها، في غابة ألوانها، في حقل حصاده لم ينتظر مطراً يُحييه، شغف عانق الحياة لوحده، هامَ في تلابيب عشقه فأنتج أقراطاً تسُر الناظر، تأسره لدقة تصاميمها، لصور الحياة فيها، لفلسفة لا تفر…
منحناها لأيام الآذان، فكانت أقراط البوح معلقة على آذان القلب، وبوصفة عفوية…

عجين لغير رغيف… عجين للأذن

يدور الناعور ممسوكا بكف اليد، ناعور صغير لآلة صنع “سباكيتي” والمعجنات، كانت لأغراض في مطبخ أم بثينة.
المشهد شبيه بصنع طبق حلوى، فالعجين طازج ينتظر الدعك، لكن عجين بثينة لغرض آخر، تُذهب الفقاعات العالقة به ليصير أفضل وأجود، وفي الفرن يطهى على مهل، ينضج ليخرج، ليقضي الليلة كاملة في العراء، تحب بثينة أن يبيت لأجل راحة مفترضة، وهنا جودة أخرى، وهكذا تبدأ في صنعه على أذواقها، على مقاساتها، على استلهام لحظي وممتد…

تقول القول، وتتلاحق الأقوال، وفي الغمرة تلك: ” كنت لا أحب الأقراط في زمن مضى، كان يُتعبني الخجل عند ارتدائها، لكن شيئا فشيئا انصهر كل شيء، وصرت صانعة للأقراط”.
تتبع الأقوال تلك مجددا، على منوال دقيق: ” الأقراط في نظر الناس، ذهب أو فضة، ودون ذلك لا زينة لا حلي، لكن هذا ليس صحيحا، أقراط كالتي أصنع من عجين مركب كيميائيا تمنح مرتديها حرية أكبر، يختار دون أن يحتار”.
لون على لون، أبيض على غيره، وتتكامل الحلقة، هو فن في نظر بثينة، حتى وإن قابله انتقاد، ومفارقة الحسن والقبيح، فهو فن دوماً… يشبه حقا رسوم الأطفال ولعبهم، أحيانا تجلس دون أي فكرة متبادرة سلفاً، تسابق العقارب لهواً دون تصميم، وتأتي الفكرة ذاتية، من تلقاء اللحظة.

دروب دراسة بثينة مختلفة تماما، هي ابنة كيمياء وفيزياء، وجولات بين المحاليل وحول دورق التجارب، لكن لا ينتظر، هو ذاك فوران المواهب…
ناظرها يقع على أي شيء، مهماً كان، يحل في أقراطها ضيف:
بفصل بين كلامها، وقفٌ؛ تفكير؛ وبسمة…كلٌ بجرس وتلوين موسيقي
“كرسي، شجرة، بقرة، أكل، خضروات، سماء، الناس، الثياب، التقاليد… أينما وليت وجهي شطر مكان، أي شيء أرى فيه أقراطا، ودون انتظار أترجمها بيدي…”.

على جناح اللذة والتأمل… خمس قطط وتنين

في الصورة؛ من أول ما صنعته الأنامل، وصف على بلاغة الألوان:

1AB2B49B E703 4251 A94E 6FA87BFC2BC6
” أحب كثيراً هذا المخاض الأول… على سبيل التأمل؛ أخضر للطبيعة، البني شملة رملية للصحراء والكثبان، والأزرق الحابل بالأصفر والأبيض كبحرٍ بزغت شمسه مرايا، فعلا بديع”…
تصطف الكلمات لتكتب قولاً:
” ما يعجبني أن كل ذلك بُعث صدفةً، دون سابق تصميم، جعدت بقايا العجين، فكان”…

بعين الوقف والبسمة تسرد بثينة:
” فتحت متجري الرقمي منذ سنة، أسميته “شمس العشية”، وقد كان من أجلي أبنائي، ثم نفسي، هم قططي الخمسة، ربحي يذهب لمعيشهم…”

24D25FD9 9917 4238 89D7 7D7D6FB679BF

“لايت”، “طوم”، “ميمي”، “شان”،” هيلغا”، أسماؤهم كذلك، ولهم كل ذلك!

“أبدع ما في حكايتي، التفرد، هناك كثير من الحلقات، هناك من سبقوني في العالم، وهم كثر في رقعة هذا الفن، لكن في المغرب أظن أنني الأولى من دخلت الغمار، وفي مصنعي الفردي مستحيل إعادة صناعة نفس الحلقات، صعب وإن حاولت، يولد اللون ليندثر، لا طباق له…”

تقول بثينة كلامها، وفي الفصول الكثير من الحنين:
” صنعت تنينا كان عزيزا، لكنه انكسر، أشتاق إليه بحق”…

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *