اكسبريس تيفي: باحدة عبد الرزاق
تشهد صناعة الطاقة الشمسية العالمية أزمة غير مسبوقة، إذ تواصل أسعار الألواح الشمسية انحدارها الحاد، مخلفة وراءها خسائر فادحة للشركات المنتجة. وفي قلب هذه العاصفة تقف الصين، عملاق الطاقة المتجددة، الذي يغمر الأسواق بفائض إنتاج هائل.
شهد عام 2023 هبوطاً صاعقاً في الأسعار بلغ قرابة 50%، نتيجة تدفق المنتجات الصينية التي تهيمن على 80% من القدرات الإنتاجية العالمية. هذه السيطرة، المدعومة بسخاء من الحكومة الصينية على مدى سنوات، خلقت واقعاً جديداً في السوق العالمية.
وفقاً لتحليلات “سيتي ريسيرش آند دايوا”، المستندة إلى بيانات شركة “لونجي غرين إنرجي تكنولوجي” الصينية العملاقة، فإن هذه الأزمة قد تمتد لأكثر من عامين. وتؤكد “لونجي” نفسها أن الأسعار لن تتعافى في المدى القريب بما يكفي لتغطية التكاليف المتزايدة.
في المقابل، قادت صناعة الطاقة الشمسية قاطرة النمو الاقتصادي الصيني في 2023، جاذبة استثمارات وصلت إلى 346 مليار دولار. هذا النمو الهائل أغرى شركات من خارج القطاع للدخول في هذا المجال الواعد.
لكن هذا التوسع السريع له ثمن باهظ. فالشركات الكبرى، مثل “لونجي”، سجلت خسائر في الربع الأول من 2024، مضطرة للبيع بأسعار تقل عن التكلفة لتأمين السيولة اللازمة لاستمرار نشاطها.
يرى ماريوس موردال بيك، محلل شؤون سلاسل القيمة الشمسية في “ريستاد إنرجي”، أن فائض الإنتاج سيستمر في 2024، مما يمنح المستهلكين قوة تفاوضية غير مسبوقة، ويجعل من شبه المستحيل على المصنعين رفع الأسعار.
في محاولة للخروج من هذا المأزق، تراهن الشركات على الابتكار التكنولوجي. فـ”لونجي”، على سبيل المثال، تستثمر في تقنية جديدة تزعم أنها ستحسن كفاءة نقل الطاقة من الألواح إلى شبكات الكهرباء. غير أن هذه المنتجات المتطورة تظل مكلفة وغير تنافسية في ظل الظروف الراهنة.
يحذر دنيس آي بي، الباحث في “سيتي دايوا كابيتال”، من غياب أي مؤشرات على تعافٍ قريب للقطاع، ناصحاً المستثمرين بتوخي الحذر وعدم الانجرار وراء آمال واهية.
في خضم هذه الأزمة، يُتوقع أن تُجبر الشركات الصغيرة على الخروج من السوق، بينما تلجأ الشركات الكبرى مثل “جينكو سولار” و”لونجي” و”جيه إيه سولار” إلى دمج سلاسل التوريد الخاصة بها كاستراتيجية للبقاء.
الجدير بالذكر أن أسعار الألواح الشمسية الصينية انخفضت بنسبة 42% العام الماضي، لتصبح أرخص بأكثر من 60% من نظيرتها الأمريكية. هذا الوضع دفع العديد من الدول، خاصة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، إلى التفكير في فرض قيود على استيراد المنتجات الصينية لحماية صناعاتها المحلية.
تلقي هذه الأزمة بظلالها الثقيلة على مستقبل صناعة الطاقة الشمسية العالمية، مثيرة تساؤلات عميقة حول استدامة نموذج الإنتاج الصيني وتأثيره على الأسواق العالمية. كما تضع الشركات أمام تحديات غير مسبوقة في ظل بيئة تنافسية شرسة، مما قد يعيد تشكيل خارطة الصناعة في السنوات القادمة.