باحدة عبد الرزاق
يشهد التعاون الدفاعي بين الهند والمغرب اهتماما متزايدا، حيث يتجه البلدان نحو تعزيز علاقاتهما الاستراتيجية في هذا المجال. يُعزى هذا التحول إلى الأهمية الاستراتيجية التي توليها الهند لإفريقيا بشكل عام، وشمال إفريقيا بشكل خاص. وفي هذا السياق، يُعتبر المغرب نقطة ارتكاز رئيسية في جهود الهند لتوسيع نطاق دبلوماسيتها الدفاعية خارج حدود مصر.
وحسب وكالة Atalayar الإسبانية، فقد تمحورت العلاقات الخارجية للمغرب حول العالم العربي وإفريقيا وأوروبا، مع توجه خاص نحو الأطلسي. ومع ذلك، يُتاح الآن للمغرب فرصة فريدة لتوسيع علاقاته من خلال بناء روابط دفاعية قوية مع الهند. وتأتي هذه الخطوة في وقت أصبحت فيه الدبلوماسية الدفاعية محورا رئيسيا في السياسة الخارجية للهند، التي كانت سابقا تعتمد بشكل رئيسي على استيراد الأسلحة. واليوم، تتخذ الهند خطوات لتوظيف جوانب متعددة من التعاون الدفاعي عند التفاعل مع الدول الأخرى.
شهدت السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في التعاون الدفاعي بين الهند والمغرب، بما في ذلك التدريبات العسكرية المشتركة، والدوريات، وتوسيع التعاون ليشمل تصدير الأسلحة، والتصنيع المشترك للمعدات العسكرية، وبناء القدرات من خلال تدريب الأفراد العسكريين. كما تسعى الهند إلى تعزيز مكانتها الدفاعية عالميا من خلال تعيين ملحقين دفاعيين في عدة دول، بما في ذلك بعض البلدان الإفريقية مثل بولندا وأرمينيا والفلبين.
وفيما تسعى الهند لتعزيز وجودها في إفريقيا، يعمل المغرب على تحقيق استقلاله العسكري من خلال تطوير مجمعه الصناعي العسكري. وقد سمح المغرب بإنشاء منطقتين صناعيتين عسكريتين لتطوير وإنتاج المعدات العسكرية، مما سيسهم في تعزيز الدفاع الوطني وجذب الاستثمارات الأجنبية لتطوير القدرات المحلية في تصنيع الأسلحة والذخيرة. لهذا الغرض، رفع المغرب ميزانية الدفاع إلى 12.2 مليار دولار للسنة المالية 2024.
تعكس هذه الخطوات رغبة المغرب في تحديث جيشه وتنويع شركائه الأمنيين، حيث يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في تأمين احتياجاته الدفاعية. لكن المغرب يسعى الآن لتعزيز علاقاته الدفاعية مع دول أخرى، مثل الهند، من خلال التركيز على تطوير صناعة دفاعية محلية.
يُمثل التعاون بين الهند والمغرب في تطوير الصناعة العسكرية فرصة حقيقية لتعزيز الروابط بين البلدين. في عام 2023، حصل المغرب على 92 شاحنة عسكرية سداسية العجلات من الهند، ما يعكس التعاون المتنامي بين البلدين في هذا المجال. ويمكن أن يشهد التعاون المستقبلي توسعًا ليشمل تصدير أو التصنيع المشترك للمعدات العسكرية، حيث تصدر الهند حاليًا منتجاتها الدفاعية إلى 85 دولة.
علاوة على ذلك، يستفيد المغرب من هدفه ليصبح رائدًا في تصنيع الطائرات بدون طيار في شمال إفريقيا، بالتعاون مع الشركة الإسرائيلية BlueBird Aero Systems. ومن المتوقع أن ينمو قطاع صناعة الطائرات بدون طيار في الهند بشكل كبير، مما يوفر فرصا للتعاون بين البلدين في هذا المجال.
ولا يقتصر التعاون بين الهند والمغرب على المجال العسكري فقط، بل يمتد ليشمل بناء القدرات في مجال الأمن السيبراني. وفي هذا السياق، يواجه المغرب تحديات كبيرة في تطوير بنيته التحتية الرقمية ومكافحة التهديدات السيبرانية، مما يجعله بحاجة إلى تعزيز شراكاته مع دول مثل الهند.
وتكمن أهمية هذا التعاون في قدرة الهند على تقديم دعم تقني يساعد المغرب في مواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة، لا سيما في ظل زيادة النفوذ الصيني في المنطقة. ومن هنا، يمكن للهند أن تلعب دورا محوريا في تعزيز الأمن السيبراني في المغرب وتقليل المخاطر المرتبطة بالتعاون مع الصين.
يعكس التعاون المتنامي بين الهند والمغرب أهمية بناء علاقات قوية تخدم المصالح المشتركة. فبالنسبة للهند، يشكل المغرب بوابة لتوسيع نطاق دبلوماسيتها الدفاعية في شمال إفريقيا. وبالنسبة للمغرب، فإن تعزيز العلاقات مع الهند يتيح له تنويع شراكاته الخارجية وتوسيع آفاقه الدفاعية والاقتصادية.
ومن هنا، يبدو أن مستقبل العلاقات الهندية المغربية يتجه نحو مزيد من التعاون والشراكة، بما يعزز من مكانة البلدين على الساحة الدولية ويفتح آفاقا جديدة للتنمية المشتركة في مختلف المجالات.