بقلم ادريس العاشري
لا يمكن لأي أحد أن ينكر أو يجادل بأن النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي رهين بمردودية الإنتاج والمساهمة الفعلية في خلق الثروة والرفع من الناتج الداخلي الإجمالي للبلاد. يُعتبر العنصر البشري (الموارد البشرية) من أهم العناصر في سلسلة الإنتاج والمساهمة في خلق قيمة مضافة في القطاع الفلاحي، الصناعي، والخدماتي، إذا كانت تساهم مساهمة فعلية وتشتغل بكل مهنية وكفاءة ودون غش.
في هذا الصدد، لا بأس من الوقوف عند ظاهرة تتناقض مع فرضية مساهمة العنصر البشري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية إذا كان هذا العنصر الأساسي في سلسلة الإنتاج وخلق القيمة المضافة مغيبًا أو ضعيف المردودية: إنها ظاهرة الموظفين الأشباح أو الوهميين.
كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول وضعية الموارد البشرية في بعض الإدارات العمومية، مثل الجماعات المحلية، على سبيل المثال وليس الحصر، أنه للأسف:
- يتم صرف أجور لموظفين لا وجود لهم في سلسلة الإنتاج.
- كثرة ظاهرة التغيّب عن مقرات العمل، مما يعطل قضاء مصالح المواطنين، خصوصًا وأنه حسب التقارير، تبين أن “نسبة الحضور لمقرات العمل لا تتجاوز 30 في المائة”، رغم الاشتغال ببعض الإدارات بتقنية “البوانتاج”.
ظاهرة الموظفين الأشباح هي ظاهرة اجتماعية لها علاقة بالحس الوطني ومحاسبة الضمير لأشخاص لا يعرفون أو يتجاهلون مدى تأثيرهم سلبيًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، وعلى الحماية الاجتماعية وتزايد البطالة. بالتوازي مع الجانب الإنساني والاجتماعي الذي يتنافى مع مفهوم الوطنية والأخلاق، فإن ظاهرة الموظفين الأشباح أو الوهميين تساهم بطريقة غير قانونية وشرعية في هدر المال العام والاسترزاق وتنخر منظومة الإنتاج التي تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد المغربي.
ظاهرة الموظفين الأشباح أو الوهميين ومقاعد العمل الفارغة من السهل القضاء عليها بالإرادة السياسية ومحاسبة كل من سولت له نفسه إهدار المال العام والعيش بالريع وبأجر ليس من حقه. هل الموظفون الأشباح يمكنهم أن يتفوقوا على آليات المراقبة الداخلية أو الخارجية؟ وربط المسؤولية بالمحاسبة؟
تفشي ظاهرة الموظفين الأشباح والغياب المستمر بدون مبرر عن مقرات العمل والتهاون تعتبر جريمة إنسانية واقتصادية تسير في الاتجاه المعاكس للتوجهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الهادفة إلى تحقيق العدالة المجالية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية للمواطنين.
يجب علينا كفاعلين سياسيين واقتصاديين ومجتمع مدني أن نرفع شعار: الأجر مقابل عمل، لأن كل أجر بدون عمل ومساهمة في الإنتاج والمردودية وخلق القيمة المضافة يعتبر هدرًا للمال العام وانعدام الضمير والحس الوطني.
لا تنمية اقتصادية ولا اجتماعية ولا استقرار أمني بدون حس وطني والانخراط الفعلي في الإنتاج وجودة المردودية، كل منا من موقعه الاجتماعي والاقتصادي.