باحدة عبد الزراق
يشهد المغرب تطورات مستمرة في مجال اكتشاف الغاز، بما يسهم في تعزيز احتياطيات البلاد من الطاقة، وتوفير الإمدادات محليا، مع إتاحة الفرصة للصادرات الخارجية. وفي هذا السياق، تأتي أهمية اكتشاف الهيليوم كمورد طبيعي ذي قيمة اقتصادية واستراتيجية، ما يفتح آفاقا جديدة أمام الاقتصاد الوطني ويعزز من مكانة المغرب في الأسواق الدولية للطاقة.
وفقا للتحديثات الأخيرة من منصة الطاقة المتخصصة، أعلنت شركة “بريداتور أويل آند غاز” البريطانية عن تمديد برنامج اختبار الآبار في ترخيص غرسيف شمال شرق المغرب. وبالنظر إلى حصة الشركة التي تبلغ 75% في ترخيص غرسيف، مقابل 25% للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، فإن التعاون بين الجهتين يشكل خطوة مهمة نحو استغلال الموارد الطبيعية للمملكة بشكل فعال ومستدام.
يأتي التركيز على الهيليوم كأحد العناصر الأساسية التي تضفي قيمة إضافية على اكتشافات الغاز في المغرب. فالهيليوم، الذي يعتبر من الموارد النادرة والمهمة على مستوى عالمي، يلعب دورا حيويا في العديد من الصناعات المتقدمة مثل الصناعة الطبية والتكنولوجية. ومع توجه شركة “بريداتور” إلى تأمين إمدادات الغاز المغربي لتوليد الكهرباء محليا، فإن اكتشاف الهيليوم في بئر “إم أو يو-5” يضيف بعدا جديدا لقيمة هذه الاكتشافات.
تشير التقديرات إلى أن الهيليوم يمكن أن يصبح عاملا مؤثرا في تطوير الاقتصاد المغربي على المدى القريب. وتظهر إمكانات الهيليوم من خلال تحليل عينات الغاز في بئر “إم أو يو-3” التي أثبتت وجود الهيليوم على عمق 1395 مترا تحت سطح البحر. هذا الاكتشاف يعزز من توقعات الشركة البريطانية ويضاف إلى برنامج اختبار الغاز في بئر “إم أو يو-4″، مع خطط لدمج اختبار الهيليوم في البئر الجديدة “إم أو يو-5”.
رغم أن تركيز شركة “بريداتور” ينصب بشكل رئيسي على اكتشاف موارد غاز كبيرة لتلبية احتياجات السوق المحلي لتوليد الكهرباء، فإن إضافة تقييم إمكانات الهيليوم يعد خطوة استراتيجية تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة. الهيليوم يعزز من جاذبية المنطقة للاستثمارات ويمنح المغرب فرصة للعب دور ريادي في توفير هذه المادة الحيوية على مستوى عالمي.
التقدم في اكتشاف الهيليوم يفتح الأبواب أمام فرص اقتصادية جديدة قد تسهم في تعزيز التنمية المستدامة في المغرب. إضافة إلى ذلك، فإن اكتشافات الهيليوم تقدم قيمة مضافة تتجاوز حدود استغلال الغاز التقليدي، مما يمنح الاقتصاد المغربي زخما أكبر ويعزز من فرص الصادرات وزيادة العائدات الاقتصادية.
تعد هذه الاكتشافات فرصة ذهبية للمغرب، ليس فقط لتأمين احتياجاته من الطاقة ولكن أيضا لتعزيز مكانته كواحد من اللاعبين الرئيسيين في مجال تصدير موارد الطاقة على المستوى العالمي.