ادريس العاشري
هل يمكن لأي بلد أن يحقق تنمية اقتصادية واجتماعية بمنظومة تعليم لا تُساير التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجيا الرقمية؟
كل الدراسات السوسيو اقتصادية تؤكد أن تربية وتأطير الطفل والشاب لهما علاقة وطيدة وجزمية بمستوى التعليم المرتبط بـ: المنظومة، البرامج، والتكوين المستمر لأطر التعليم، بهدف الحصول على مجتمع يتوفر على: حس وطني، تربية وأخلاق، علم وتكوين يساير تطلعات ومتطلبات سوق الشغل، وخلق قيمة مضافة للناتج الداخلي الإجمالي للبلاد.
للإجابة على التساؤل: هل يمكن لأي بلد أن يحقق تنمية اقتصادية واجتماعية بمنظومة تعليم لا تُساير التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجيا الرقمية؟ لا بد أن نقف عند بعض المعطيات الرقمية الرسمية المتعلقة بعدد المتمدرسين في المغرب بمؤسسات التعليم العمومي والخاص بكل الأسلاك والمستويات:
- عدد 8 ملايين و112 ألف تلميذة وتلميذ التحقوا بمؤسسات التعليم لموسم الدراسي 2024-2025.
- عدد 544,385 مترشحة ومترشح حاصل على شهادة البكالوريا في سنة 2023.
- آخر المعطيات الرسمية عن عدد الطلبة الجامعيين هو أن العدد الإجمالي للطلبة برسم السنة الجامعية 2023-2024 ارتفع بنسبة 6.8 في المائة ليناهز 1.3 مليون طالب، أي بزيادة 3 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، 94 في المائة منهم في القطاع العمومي.
أرقام لها دلالتها وأهميتها من ناحية محاربة معدل الأمية وتزايد معدل التمدرس دون أن نعرف مدى إدماج الطلبة الحاصلين على الشهادات من مراكز التكوين المهني والجامعات الخاصة والعمومية في سوق الشغل ومساهمتهم في خلق قيمة مضافة للناتج الداخلي الإجمالي والنمو الاقتصادي للمغرب.
بخصوص معدل البطالة في المغرب وحسب معطيات رسمية، فإنه في حدود 13.1% عند نهاية المرحلة الثانية من السنة الجارية 2024 بعدما سجل معدل 13.7% عند نهاية المرحلة الأولى من السنة الجارية 2024.
هذه النسبة من البطالة موزعة على الشكل التالي
16.7% بالوسط الحضري و6.7% بالوسط القروي.
حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط، عرف معدل البطالة في المغرب ارتفاعًا بنسبة 36.1% في صفوف الفئة العمرية من 15 سنة إلى 24 سنة، وبنسبة 19.4% في صفوف حاملي الشهادات ليصل عدد العاطلين إلى مليون و633 ألف عاطل.
لتجاوز هذه الآفة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب مثل مجموعة من دول العالم، لا بد أن نقف عند مواطن الخلل الذي يجعل حاملي الشهادات غير مقبولين في سوق الشغل ويعززون جيوش العاطلين.
لبناء مجتمع مدني بقيم، أخلاق وتربية وطنية، وجعل مكوناته تساهم مساهمة فعلية في تنمية اقتصادية واجتماعية للمغرب، لا بد أن يتحمل كل المتدخلين في منظومة التعليم مسؤوليتهم الوطنية بوضع استراتيجية ومنظومة تعليم تعتني بالتربية، التأطير، والتحصيل العلمي والمعرفي للطفل والشاب المغربي الذي يشكل اللبنة الأساسية للمستقبل.
علينا كفاعلين سياسيين واقتصاديين ومجتمع مدني وأطر التعليم أن نتجاوز الحسابات الضيقة والمصلحة الخاصة لحماية أبناء هذا الوطن وتحصينه من كل الإغراءات والمناورات الخبيثة التي تمس بالوحدة الترابية للمغرب.
لا تنمية اقتصادية ولا اجتماعية ولا استقرار أمني بدون تعليم ناجح يساير تطلعات ومتطلبات سوق الشغل والتحولات الاقتصادية والتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي.