رجحت وكالة التصنيف الائتماني العالمية “ستاندرد آند بورز” حدوث تحسن في الاقتصاد الوطني، رغم تقليص توقعاتها بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمغرب إلى 3.1% خلال عام 2024، بعد أن كانت قد قدرتها سابقا بـ 3.4%. ويعود هذا التخفيض أساسا إلى تأثير موجة الجفاف على القطاع الزراعي، مع توقع استمرار ندرة المياه في التأثير السلبي على هذا القطاع.
وأفاد تقرير صادر عن الوكالة بتوقعات حديثة حول آفاق الاقتصاد المغربي، مشيرا إلى أن النمو الاقتصادي للبلاد قد يبلغ 1.8% فقط خلال العام الجاري، وذلك نتيجة لتسارع التضخم ليصل إلى معدل 7.8% في المتوسط، إضافة إلى تشديد السياسة النقدية، ما قد يرفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 4.50% مع نهاية 2023. كما أثرت العوامل الأخرى مثل انخفاض الإنتاج الزراعي وضعف الطلب الخارجي، خصوصا من منطقة اليورو، على هذه التوقعات.
وتوقعت “ستاندرد آند بورز” أن يشهد الاقتصاد المغربي متوسط نمو يصل إلى 3.6% بين عامي 2024 و2027، بالمقارنة مع 1.5% بين 2020 و2023. هذا النمو يعزى إلى الأداء القوي في قطاعات مثل السياحة وصادرات السيارات، إلى جانب دعم قوي من الطلب المحلي المتزايد نتيجة لانخفاض التضخم وزيادة الاستثمارات الخاصة، والتي ستستفيد بدورها من الإصلاحات الاقتصادية وزيادة النمو في منطقة اليورو، الشريك التجاري الرئيسي للمغرب.
كما أشارت الوكالة إلى أن الاقتصاد المغربي سيستفيد تدريجيا من المشاريع الضخمة المبرمجة استعدادا لتنظيم كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم لكرة القدم 2030، بالإضافة إلى تنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية وتوسيع نطاق الصادرات المغربية. وقد بلغت الطاقة الاستيعابية لميناء طنجة المتوسط ثلاثة ملايين وحدة، مما يجعله أكبر ميناء في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا.
وأكد التقرير أن اعتماد الاقتصاد المغربي على القطاع الزراعي يجعله عرضة للتغيرات المناخية، حيث يشكل القطاع الزراعي حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي ويشغل نحو 30% من القوى العاملة. ووفقا للمديرية العامة للأرصاد الجوية، فقد كانت الفترة ما بين 2019 و2022 الأكثر جفافاً منذ الستينيات، وهو ما استمر في 2023 والنصف الأول من 2024. وللتعامل مع أزمة المياه، أطلق المغرب خطة عمل ضخمة تهدف إلى التخفيف من ندرة المياه، تشمل بناء سدود جديدة، ومحطات لتحلية المياه، وتحسين كفاءة استهلاك المياه عبر مشاريع بنية تحتية كبيرة.
وتوقعت الوكالة في تقريرها أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المغرب سيشهد تحسناً تدريجيا، ليصل إلى ما يقارب 4900 دولار بحلول 2027، بعد أن كان حوالي 3900 دولار في عام 2023. وعلى الرغم من الإصلاحات الهيكلية، يبقى الدخل الفردي المنخفض نسبيا تحديا أمام توسيع القواعد الضريبية والتمويلية.
كما أبرز التقرير أن الاقتصاد غير المهيكل في المغرب لا يزال معفى من الضرائب إلى حد كبير، مما يزيد من تفاوت الدخل بين المناطق الحضرية والريفية، وارتفاع معدلات البطالة، خصوصاً بين الشباب. وأوصت الوكالة بإضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد وتوسيع القاعدة الضريبية من أجل تعزيز الإيرادات.
وفيما يتعلق بالمديونية، خلص التقرير إلى أن الوضع لا يزال مستقرا رغم بطء ضبط الميزانية، متوقعة تقلص العجز في الميزانية العامة تدريجياً إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، وذلك بفضل ارتفاع الإيرادات من قطاعات رئيسية مثل الفوسفاط والسياحة، واستمرار الإصلاحات المالية.