متابعة
في ضوء البيانات الضعيفة للربع الثاني من 2024، قامت “Fitch Solutions” بتعديل توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي في النصف الثاني من 2024 إلى 2.7%، بدلًا من 3.1%، وبالتالي فإن النمو المتوقع للاقتصاد في عام 2024 بأكمله سيكون 2.6%، بدلًا من 3%، ومع ذلك، تتوقع المؤسسة انتعاشًا قويًا في العام المقبل، حيث يرتقب أن يصل النمو إلى 4.9%.
وأشار الموقع إلى مواجهة النمو الاقتصادي في النصف الأول من عام 2024 لتحديات كبيرة، حيث سجل معدل نمو الواردات ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 12.9% على أساس سنوي في الربع الثاني، وهو أعلى مستوى منذ عام 2021، ويعزى هذا الارتفاع إلى عوامل عدة، منها ضعف الإنتاج الزراعي بسبب الظروف الجوية السيئة ونمو قوي في الاستثمارات بنسبة 8.9%، مما زاد من الطلب على السلع الرأسمالية.
وعلى الرغم من التحديات التي يفرضها ارتفاع الواردات، توقع المصد ذاته أن يشهد النصف الثاني من العام تحسنًا في مؤشرات النمو، لا سيما الاستثمار والاستهلاك الخاص، ويعزى ذلك إلى استمرار الدعم الحكومي للاستثمار، من خلال تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار والاستعداد للفعاليات الرياضية الدولية.
وأضاف أن خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس في يونيو 2024 سيساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، فمن جهة سيؤدي ذلك إلى تخفيض تكلفة الاقتراض، مما سيدعم الاستثمار الذي يشهد نموًا قويًا منذ أواخر عام 2023، ومن جهة أخرى، سيستفيد المستهلكون من بيئة منخفضة التضخم، إذ ينتظر أن يتوسط التضخم 1.5% في النصف الثاني من العام، مما سيساهم في تحسين القدرة الشرائية وزيادة الاستهلاك، خاصة في ظل ارتفاع معدل البطالة الذي بلغ 13.1% في الربع الثاني.
وأصدرت المؤسسة توقعات متفائلة بشأن آفاق النمو الاقتصادي في عام 2025، إذ من المرتقب أن يصل إلى 4.9%، ويعزى هذا التفاؤل إلى مجموعة من العوامل الإيجابية، من بينها تخفيضات أسعار الفائدة، والاستثمارات الحكومية المكثفة، وتراجع معدلات التضخم إلى مستويات منخفضة، بالإضافة إلى استضافة الأحداث الرياضية الكبرى.
وافترض التقرير أن الظروف المناخية ستكون مواتية هذا العام، مما سيساهم في انتعاش القطاع الزراعي، مؤكدا أن التوقعات الصادرة تتجاوز بشكل كبير إجماع توقعات “Focus Economics” الذي يقدر النمو بـ 3.7%.
وأشارت “BMI” إلى أن النمو الاقتصادي المتوقع في أوروبا، إلى جانب انتعاش الإنتاج الزراعي المحلي وتسارع وتيرة إعادة توطين سلاسل الإنتاج العالمية، سيساهم في تعزيز الأداء الإيجابي للصادرات الصافية، مما سيعزز من الميزان التجاري للبلاد.
وأضاف أن المغرب شهد تدفقات قوية للاستثمار الأجنبي المباشر خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، بارتفاعها إلى 55.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وهو ما يعكس الجاذبية الاستثمارية التي يتمتع بها المغرب، والتي تعززت بفضل تحسين مناخ الاستثمار وتركيز المملكة على تطوير الصناعات التصديرية، مما سيساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة القدرة التنافسية للصادرات المغربية.
حسب المصدر ذاته من المتوقع أن يشهد الطلب على الصادرات المغربية مزيدًا من الارتفاع مدفوعًا بتسارع نمو منطقة اليورو من 1.0% في 2024 إلى 1.5% في 2025، والذي سيزيد من الطلب على السلع والخدمات المغربية، كما أن استضافة المغرب لكأس الأمم الأفريقية ستجذب تدفقات سياحية كبيرة، مما سيعزز من عائدات الصادرات السياحية، موضحا أن نمو الواردات سيتباطأ نتيجة لزيادة الإنتاج الزراعي المحلي، مما سيؤدي إلى تفوق نمو الصادرات على نمو الواردات.
وشددت “Fitch Solutions” على أن الاستثمار ستشهد نموًا مستدامًا خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا بسياسة نقدية تيسيرية تتمثل في خفض أسعار الفائدة من قبل بنك المغرب، حيث نتوقع خفضًا إجماليًا قدره 50 نقطة أساس في عام 2024 و25 نقطة أساس في عام 2025، بالإضافة إلى ذلك، ستدعم الاستثمارات الحكومية المكثفة النمو الاستثماري، حيث تسعى الحكومة إلى تعزيز النشاط الاقتصادي وتوسيع القاعدة الصناعية في البلاد.
وحسب التوقعات سيساهم الاستعداد لاستضافة كأس العالم 2030، إلى جانب استمرار الجاذبية الاستثمارية التي يتمتع بها المغرب، في تعزيز النمو الاستثماري في البلاد، كما يتنظر أن تشهد الاستثمارات الحكومية زيادة كبيرة، مما سيساهم في تطوير البنية التحتية وتعزيز تنافسية الاقتصاد المغربي.
وسجل التقرير أنه احتمالية أن يشهد عام 2025 بيئة تضخمية معتدلة، حيث سيبلغ معدل التضخم حوالي 1.9%، وهو ما يعزى إلى مجموعة من العوامل، منها انتعاش الإنتاج الزراعي واستقرار الأسعار العالمية للسلع الأساسية، كما يتوقع أن يساهم هذا التضخم المنخفض في تحسين المناخ الاقتصادي ودعم الطلب الكلي.
وينتظر أن يساهم الانتعاش في القطاع الزراعي، إلى جانب الزيادة المتوقعة في الاستثمار، في تحسين مؤشرات سوق العمل، فمن جهة، سيؤدي ذلك إلى تخفيف الضغوط على معدلات البطالة التي ارتفعت في السنوات الأخيرة بسبب الظروف الجوية السيئة، ومن جهة أخرى، سيساهم في زيادة الدخول المتاحة للأسر، مما سيحفز الاستهلاك الخاص ويدعم النمو الاقتصادي.
وخلص التقرير بالتأكيد على أن التوقعات الصادرة تبقى عرضة لعدة مخاطر،ففي حال تكرار سيناريو الجفاف، من المتوقع أن يتأثر سلبًا كل من الصادرات الصافية والاستهلاك، مما يستوجب تعديل هذه التوقعات، بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي ارتفاع مفاجئ في معدلات التضخم، ربما بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، إلى تبني بنك المغرب لسياسة نقدية أكثر تشددًا، مما يحد من الزخم الناتج عن تخفيضات أسعار الفائدة.