متابعة
كشفت وكالة الطاقة الدولية (AIE) في تقريرها الأخير بعنوان “الفحم 2024 – التحليل والتوقعات حتى 2027” عن استمرار احتلال كل من جنوب إفريقيا والمغرب المركز الأول والثاني على التوالي كأكبر مستهلكي للفحم في القارة الإفريقية لتلبية احتياجاتهما من الطاقة، وهو ما جاء سياق الارتفاع العالمي للطلب على الفحم، الذي بلغ مستويات قياسية خلال العام الأكثر حرارة في التاريخ، بينما يظل التوسع في الطاقة المتجددة الأمل الوحيد لتحقيق الاستقرار في الطلب حتى 2027.
وأوضح التقرير أن جنوب إفريقيا استهلكت 165 مليون طن من الفحم في 2024، مما يمثل 86% من إجمالي الاستهلاك الإفريقي، وهو ما يعود إلى تحسن طفيف في النشاط الاقتصادي وتقليل انقطاعات الكهرباء، كما يتم استهماله أساسا في إنتاج الكهرباء في البلاد، حيث يُتوقع أن تسهم الزيادة في الطلب على الكهرباء في إنتاج إضافي يصل إلى 14 تيراوواط ساعة باستخدام الفحم خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وحسب المصدر ذاته فإن المغرب رغم احتلاله المركز الثاني، إلا أن استهلاكه من الفحم يظل بعيدًا عن جنوب إفريقيا، حيث بلغ 9.7 مليون طن في 2024، بانخفاض قدره 3.3% مقارنة بعام 2023، مسجلا استخدام المغرب للفحم بشكل شبه حصري لإنتاج الكهرباء من خلال محطات كبرى مثل محطة الجرف الأصفر (2056 ميجاواط)، ومحطة آسفي (1386 ميجاواط)، ومحطة الناظور (1320 ميجاواط).
وعلى الرغم من أن الفحم المستورد بالكامل يساهم في تنويع مزيج الطاقة المغربي إلى جانب الطاقات المتجددة مثل الشمسية والرياح، فإن الحكومة المغربية تستهدف تقليص الاعتماد على الفحم ضمن استراتيجية مواجهة التغير المناخي، ووفق مشروع قانون المالية 2025، سيتم رفع الضريبة الداخلية على استهلاك الفحم المستخدم في إنتاج الكهرباء من 6.48 إلى 12.48 درهم لكل 100 كيلوجرام.
وفيما يتعلق بالإنتاج أشارت الوكالة إلى أن جنوب إفريقيا تظل المنتج الأكبر في القارة بـ 234 مليون طن في 2024، تليها موزمبيق وزيمبابوي، وتشير التوقعات إلى أن الإنتاج في الدول الأخرى سيبقى مستقرًا باستثناء إثيوبيا، التي أعلنت عن منجم جديد في منطقة داوزون.
وفي موزمبيق، توقع المصدر ذاته أن يضاعف منجم فحم الكوك “بنجا” إنتاجه البالغ حاليًا 1.3 مليون طن سنويًا، أما زيمبابوي، فقد شهدت بدء تشغيل مصنع للصلب في مدينة مفوما بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 5 ملايين طن على مراحل، مما سيدعم زيادة إنتاج الفحم في البلاد.
وفي عام 2024، يمثل استهلاك الفحم في إفريقيا 2.17% فقط من الاستهلاك العالمي، وهو أقل بكثير من منطقة آسيا والمحيط الهادئ (82.61%) وأوروبا (5.81%). ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 2.29% بحلول عام 2027.
وعلى الصعيد العالمي، أكد التقرير أن الفحم يظل أحد مصادر الطاقة الرئيسية، حيث تسهم الصين بـ 30% من الطلب العالمي، تليها الهند كأكبر مستهلكين، مشيرا إلى وجود منافسة متزايدة من إندونيسيا ومنغوليا لعمالقة التصدير التقليديين مثل أستراليا وروسيا.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تظل أسعار الفحم الحراري مرتفعة في عام 2024، بين 120 و140 دولارًا للطن، مما يعكس تغيرات السوق بعد جائحة كوفيد-19.