المجلس الوطني للصحافة و خطيئة النشأة – قالوا باكً طاح … قالوا من الخيمة خرج مايل!

المجلس الوطني للصحافة و خطيئة النشأة – قالوا باكً طاح … قالوا من الخيمة خرج مايل!

- ‎فيعلى مسؤوليتي, واجهة
784
إكسبريس تيفي

يعيش المشهد الاعلامي حالة من الغليان منذ مدة. فالبلاغات و المقالات التي طفت الى السطح مؤخرا ليست الا ترجمة لواقع مرير يعيشه الصحافيون منذ أن اعطيت صلاحية تسليم بطاقةً الصحافة للمجلس الوطني . بل إن الوضع الحالي للمجلس هو في الحقيقةً نتيجة حتمية للظروف التي ً رأى المجلس فيها النور. ولادة قيصرية عصيبة ثم بعدها ممارسات بعيدة عن الدور الاستشاري للمجلس، و الاخطر ، تناقض تام مع التزامات الاطراف الممثلة للقطاع قبل احداث المجلس.

دعونا نعود الىً الوراء كي نفهم كيف تم تشكيل المجلس و لماذا ابتعد عنً اهدافه و اختزل دوره في منح البطائق الصحفية؟

نعود الى يونيو 2018، انتخابات اعضاء المجلس الوطني للصحافة عرفت اكتساحا للائحة “حرية مهنية نزاهة”، التي دعمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ونقابة الاتحاد المغربي للشغل، والتي ترأسها حينها الصحافي حميد ساعدني، هذه اللائحة هي التي
ضمت في عضويتها كلا من عبد الله البقالي، يونس مجاهد، مريم الودغيري، عبد القادر حجاجي، ربيعة مالك المختار عماري و تقدمت بفارق كبير عن لائحتي “الوفاء والمسؤولية” و”التغيير”، بقيادة الصحافيين عبد الصمد بن شريف، وعلي بوزردة، على التوالي.

وأعلنت حينها لجنة الإشراف النتائج النهائية التي جاءت بالنسبة لفئة الصحافيين المهنيين، كالتالي:
نسبة المشاركة: 43,3 %
لائحة حميد ساعدني: 918 صوتا
لائحة علي بوزردة: 19 صوتا
لائحة عبد الصمد بن الشريف: 18 صوتا

أما بالنسبة للمقاعد السبعة، المخصصة للناشرين،
فقد تجاوزت نسبة المشاركة: 62 %
وتصدرت النتائج فاطمة الزهراء الورياغلي عن “فينانس نيوز” ب39 صوتًا،
يليها نور الدين مفتاح عن أسبوعية “الأيام” بـ34 صوت،
محتات الرقاص عن صحيفة “البيان” بـ29 صوتًا،
محمد حجام عن “ملفات تادلة” ب28 صوتًا،
عبد المنعم دلمي، عن “الصباح” ب26 صوتا،
محمد السلهامي عن “ماروك إيبدو” ب26 صوتا.

إذا كانً آنذاكً حميد الساعدني هو رئيس اللائحة المرشح باسم الاتحاد المغربي للشغل فما قد تكون الصفقة التي نقلت استحقاق زميلنا حميد الساعدني لزميلنا يونس مجاهد في النقابة الاخرى كي يصبحً هو الرئيس؟

لن نقف عند هذا التساؤل، فمن الصعب الحديث اليوم عن كواليس الصفقة و جزئياتها، و حتى و ان اردنا التقصي فالمهنة لها أيضا أسرارها و حماة اسرارها ، و لا نحتاجُ تحليلا كي نستنتج المهم و هو أن الخلفية الحزبية للمرشحين لعبت دورها بجدارة و استحقاق كي تبقى الصحافة في أسر الثنائية الحزبية التي قادت النقابة الاولى.

فلنعد اذن إلى نظام المجلس و امكانياته. إن المجلس المحدث انذاك، اعطيت له احدى اهمُ الميزانيات و جميع الصلاحيات كي يقوم الاعضاء بتنظيم القطاع و تأطير الصحافيين و الرقي الى مستوى يواكب الدينامية الوطنية في مجالات أخرى… فما الذي وقع كي لا نسمع في الساحة حديثا الا عن البطاقة الصحفية التي يقول الكثير من الصحافيين انها رهينة بمزاجية المسؤول عنها؟ و هل البطاقة هي الاهم؟ و الى اي حد يبقى منح البطاقة امرا قانونيا؟

المغرب انخرط في مسار ديموقراطي و ذكر في مقدمة دستوره أنه مسار لا رجعة فيه

لا بد ان نعود الى ما قبل نشأة المجلس و نتذكر ان المغرب انضم رسميا إلى الدول الموقعة على «إعلان حرية الإعلام في العالم العربي»، ليصبح بذلك خامس دولة عربية توقع على الميثاق بعد تونس وفلسطين والأردن والسودان في 2017.

حيث وقع إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان انذاك ، على الإعلان الذي ينص على أن «حرية التعبير حق أساسي من حقوق الإنسان».

و قد تمً التوقيع بحضور الزميل يونس مجاهد، الذي كان حينها نائبا اولا لرئيس الفيدرالية الدولية للصحافيين، و أمينًا عاما لنقابة الصحافيين المغاربة.و قال مجاهد في تعليقه على التوقيع أن الإعلان يمثل «ثمرة عمل لنقابات الصحافة العربية لسنوات»، وأعرب حينها عن أمله في التوصل إلى اتفاق يقضي بإنشاء آلية لضمان حرية الإعلام مماثلة لآلية المقررين الدوليين للأمم المتحدة. و كان يتكلمً طبعا عن المجلس الوطني للصحافة.

فماذا كان يتضمن هذا الاعلانً الذي وقعه مجاهد انذاك ؟ و هل احترم المجلس التزامات المغرب في ممارسته؟ 

كي نفهم سبب أزمة الوجود التي يعيشها المجلس سنذكر أعضاء الجلس الوطني للصحافة بالباب العاشر من هذا الاعلان الذي وقعوا عليه كنقابة و انضم اليه المغرب رسميا.

تحدد المادةً العاشرة من «إعلان حرية الإعلام في العالم العربي» مبادءا كان يجب أن تحكم انشاء المجلس في تحديد هويته وً اختيار أهدافه بالنسبة للصحفيين.

‎فالمبدأ الاول من الباب العاشر يقضي أنه: “ليس من صلاحيات الحكومات تحديد من هو الصحفي، ولا يجوز وضع قيود رسمية أو قانونية حول من يستطيع ممارسة مهنة الصحافة.””
و المبدأ الاخير من نفس الباب يقضي أنه “لا يجوز استخدام أنظمة إصدار البطاقات الصحفية، أو آليات منح بطاقات الاعتماد الصحفي كأداة لتقييد ممارسة هذه المهنة”.

فلا هو المجلس عمل على احترام المبدأ الاول بل سار في طريق اقفال الباب على ممارسين عوض العمل على تكريس مبدأ حرية الاعلام و العمل بالموازاة على تأطير الصحافيين و تكوينهم من أجل الرقي بالاعلام. و لا هوً احترم المبدأ  الاخير، بل ضرب بمسطرة منحً البطاقة الصحفية في عمق المبدأ الاخير إذ أن المجلس اشتغل صراحة في اتجاه ما أسموه بتحصين المهنة و هو في الواقع حد و تقييد ديكتاتوري لممارسة المهنة.

الحصيلة مزرية ووضع الاستثناء الحالي الذي يعيشه المجلس مرحلة يجب الخروجً منها بانتخابات

إن المجلس الوطني للصحافة يعيش أزمة وجود تكاد تعصف بمكتسب كبير  للمهنة و هو المجلس نفسه، و حالة الاستثناء التي منحت للاعضاء الحاليين في ظروف ، أقل ما يمكن وصفها به أنها غير معقولةً، وًالقادم، اذا لمً يتمً تنظيم الانتخابات في غضون الاشهر المتبقية من التمديد ، سيكون فراغا خطيرا في القطاع.

اليوم جاء دور وزارةً الاتصال في تفعيل دورها الدستوري المنصوص عليه في المادة. 28 من الدستور و العمل على دعوة كل الفاعلين الى تنظيم الانتخابات و الابتعاد عن اي تأويل ليس منه جدوى سوى اغراق القطاع و تعطيل عجلة المجلس لان أي تأخير مستقبلي بأي ذريعة مستحدثة يسيء للمغرب وصورته كدولة مرجعية في تكريس التنظيم الذاتي ،ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستمر حالة الاستثناء غير المبررة لجبر الخواطر.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *