إكسبريس تيفي /✍بلقاسم أمنزو:
والآن، بعد أن فكرتُ مليا في علاقتي بها، وعلاقتها بي، وعلاقتنا بهذا المجتمع، قررت أن أكتب لها، وعليها، وعلى سحرها، لأحدثها عن القضية الأولى والثانية والثالثة، وكل القضايا في سياستنا، بمنتهى الصراحة.
روح هذه الصراحة تفرض في الحقيقة، الاعتراف بأنني عندما أختلي بها في الليل، وأحيانا كثيرة في النهار، وفي كل الفصول -فهي دائما فاكهة كل فصل بامتياز- أفعل بها ما أريد, لكن في احترام تام للسلطات المطلقة التي وضعتها أجهزتها المقررة بين يدي، وتفعل بي هي ما تريد أيضا في احترام تام كذلك لجميع السلطات التي وضعتها بين يديها الكريمتين؛ حيث لا يوجد بالمطلق، وبأي شكل من الأشكال، معنى “شطط في استعمال السلطة” في قاموسها.
هكذا إذن، في تناغم تام، وتلاحم كامل، ومتكامل ومتناسق، يأخذ كلانا حقّه من الآخر، ليتجدد موعدنا الطويل، وتتجدد معه، وأثناء كل لحظاته، المتعة التي وهبتها الطبيعة لنا، لتترجم الأنامل بهدوء ووضوح ما ينطق به اللسان، وما تنتجه خلايانا الفكرية عند الإمساك بها، وبشرايينها لتشتعل حرارة الإبداع وتتوهج.
في تلك اللحظات أشعر كأني سجين في قبضتها وقضبانها الشائكة والمتشابكة، ولكنني في الآن ذاته أجدها تطيعني، وتساير أهوائي، وإحسَـاسي، وشَواهِـدي ومَـدَاركي، وحَـواسي، كإمبراطور يحكم ويصول كما يشاء في إمبراطوريتها الشاسعة والعظيمة.
تجمعنا علاقة رضائية، لكنها لا تشبه في مفهومها، ولا في شكلها، ولا في مضمونها، ولا في روحها، ولا حتى في عطرها كل العلاقات الرضائية الأخرى التي تكلم ويتكلم عنها الآخرون، عندما فكروا في وضع قوانين لها، مؤكدين بذلك أن العقل قدم استقالته أو تعطّل.
إنها علاقة من نوع خاص، وفي إطار خاص، تؤطرها تشريعاتنا، وثقافتنا، والتزاماتنا وأخلاقنا، وحتى خوفنا.
حين أحدثها عن الخوف، تجيبني بكل شجاعة وحكمة بأن “الخوف نعمة من الله سبحانه وتعالى”، لأنه يمنعنا إلحاق الضرر بأنفسنا أو بغيرنا في المجتمع، لكنها تثير انتباهي في الآن نفسه إلى أن هذا الخوف نقمة أيضاً، وأحيانا خجل، وأحيانا أخرى جبن, حين يمنعنا من أخذ حقنا من هذه الدنيا التي نعيش فيها، وحين يلجم أفواهنا عن فضح الانتهاكات، والظلم والمنكر، والتنديد بكل إساءة إلى بني الإنسان.
ترافقني أينما حللت وارتحلت، في خلوتي، وفي كل مكان، وحين لا يصحَبُنا إلا لطف الله، فهي معي، لا تضع أي شرط من الشروط حتى في اختيار المكان الذي سأداعبها فيه.
نسافر معا في جولة، ونحلق عاليا في عالمنا، “خارج تغطية” هذا العالم المتميز بتناقضاته، وجشعه وريعه، وظلماته وتفاهته؛ لكي نقول فيه كلمتنا، ووجهة نظرنا، ونحن ننتشي تلك المتعة الرائعة التي لا يعرفها إلا من يقرأ أكثر مما يكتب.
هكذا إذن وضعنا فصول دستورنا الذي يؤطر العلاقة بيننا، وبين المجتمع الذي حشرنا الله فيه، وأنا أقول لها وأؤكد دائما وأبدا هذه العبارة: “ريشتي أعشقك”، وبه وجب الإعلام والسلام.