إكسبريس تيفي/✍️خالد بركات:
تفاءل..ولا تستسلِم لليأس..
كُل حزن سَيذهب وكل كَسر سيُجبر، لن يترك اللَّه قلباً يُرفرف تحتَ سماءِه ضائعاً دونَ ملجأ..
” المريضان ” قصة مقتبسة راقية رغم الألم..
في أحد المستشفيات كان هناك مريضان هَرِمَيْن في غرفة واحدة، كلاهما عنده مرض عضال..
أحدهما كان مسموحاً له بالجلوس في سريره لمدة ساعة يومياً بعد العصر، ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة..
أما الآخر فكان عليه أن يبقى مستلقياً على ظهره طوال الوقت كان المريضان يقضيان وقتهما
في الكلام، دون أن يرى الذي يرقد زميله، لأنه كان مستلقياً على ظهره ناظراً إلى السقف.
تحدثا عن بيتيهما، وعن حياتهما، وعن كل شيء وفي كل يوم بعد العصر، كان الأول يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب، وينظر في النافذة، ويصف لصاحبه العالم الخارجي..
وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول
لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج : في الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط..
والأولاد صنعوا زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء، وهناك رجل يؤجِّر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة
والجميع يتمشى حول حافة البحيرة، وهناك آخرون جلسوا في ظلال الأشجار وجانب الزهور ذات الألوان الجذابة، ومنظر السماء بديعاً يسر الناظرين) وثم يقول له : إنشاءالله ستتعافى
قريباً يا صاحبي وسترى بنفسك هذه الروائع..
فيما يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر في ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع.
ثم يغمض عينيه ويبدأ في تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى..
وفي أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً، ورغم أنه لم يسمع عزف فرقة موسيقية إلا أنه كان يراها بعيني عقله من خلال وصف صاحبه لها..
ومرت الأيام، وكل منهما سعيد بصاحبه..
وفي أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً كالعادة لخدمتهما، فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل..
ولكن لم يعلم الآخر بوفاته، إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب المساعدة
من زملائها، لإخراجه من الغرفة..
فحزن على صاحبه أشد الحزن..
وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة، ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه.
ولما حان بعد العصر، تذكر الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه، وهو ينتحب لفقده.
ولكنه قرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته في هذا الوقت، وتحامل على نفسه وهو يتألم ورفع رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه،واتكأ
على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء تجاه النافذة لينظر العالم الخارجي، وهنا كانت المفاجأة..!!
لأنه لم ير إلا جداراً أصم من جدران المستشفى
فقد كانت النافذة على ساحة داخلية.!!
نادى الممرضة وسألها : إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها..
فأجابت: إنها هي فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة، ثم سألته عن سبب تعجبه..؟؟!!
فقص عليها، ما كان يرى صاحبه عبر النافذة
وما كان يصفه له من مناظر..!!
لكن كان تعجب الممرضة أكبر، إذ قالت له : ولكن المتوفى كان أعمى، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم، ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت..
العبرة..تفاءل ولا تستسلم لليأس، رغم كل شيء..
واجه الخوف والقلق بإيمان وبأصوات مؤمنة
أرسلها الله لك، وقلّ :كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ..
وبرحمتهِ سيصلحُ ما بداخلك، من جديد..
يَبنِي حطامَك، يؤنِس وحدتَك، يشفي جراحك..
يمحُو خوفكَ وقلقك،يجبرُ كسرَك، وينيرُ دربك..
اللهم..نسألك صدق التوكل وحُسن الإعتماد عليك
وقوة اليقين بك سخّر جوارحنا لطاعتك وحبك..