واجهة

الأمين مشبال يكتب ..رؤوس أينعت

إكسبريس تيفي

إكسبريس تيفي  (الأمين مشبال)

 

من الأمور المؤلمة حقا أن يصبح إسم تطوان مدينة الفنون والثقافة ذات الماضي الحضاري العريق مقرونا، بفضائح النصب والاحتيال واستغلال النفوذ وخيانة الأمانة خصوصا وأن “نجوم” هاته “المنجزات” أشخاص من زبدة المجتمع المدني وينتسب بعضهم لأحزاب سياسية ذات رصيد وطني.
الفضائح التي طفت على واجهة الأحداث مؤخرا ماهي في الحقيقة، إلا مجرد جبل جليد عائم (iceberg) ، إذ ما يوجد تحت السطح، ولا يبدو للعيان، أكبر بكثير وبما لا يقاس مع واقع الأشياء في مختلف المرافق العمومية، كما أن له ارتباط مباشر بالتحولات الاجتماعية التي نحياها منذ عقود وبتغير منظومة القيم داخل المجتمع المغربي.
ما يحصل اليوم في تطوان، للحقيقة التاريخية، لم يأت من عدم أو نزل البارحة من السماء، بل هو نتيجة منطقية وحتمية، في نظري المتواضع، لما عايشته ولاحظته بعد رجوعي لهاته المدينة العزيزة بعد سنوات إقامة طويلة في “قلعة النسيان” حيث كان الداخل إليها مفقود والخارج منها منقوذ.
أثار انتباهي حينها (نهاية ثمانينيات القرن الماضي) التأثير الملحوظ لاقتصاد الكيف ورموزه، ولاقتصاد التهريب على عدة مناحي من الحياة الاجتماعية (كرة القدم مثلا)، بما رافق ذلك من تأسس شبكة واسعة ومتداخلة ومتضامنة من المستفيدين بشكل أو بآخر، وبدرجات متفاوتة بطبيعة الحال، من ذلك الواقع. وكان لذلك تجليات لا تخطئها العين في العمارات والفيلات والإقامات الشاطئية والسيارات الفاخرة…وضمن هذا السياق العام تحول بعض الأشخاص الذين كانوا يسيرون الشأن المحلي بقدرة قادر وبين عشية وضحاها، من مواطنين عاديين إلى أثرياء يتسابق الكثيرون لمجالستهم، وإبرام صفقات معهم، والاستفادة ” من خبرتهم.
بطبيعة الحال نرى اليوم أن الكثير من تلك الأمور قد تغيرت، إذ دخل بعض “بزانسة” تلك الفترة إلى السجون أو إلى جحورهم ، خصوصا وأن الدولة، نتيجة عوامل متعددة، قررت القضاء على اقتصاد التهريب واقتصاد المخدرات في المنطقة، وحاولت، للأسف دون نجاح كبير، خلق بديل اقتصادي على أنقاضهما. لكن ما لم يتغيرلدى معظم النخب المحلية، وهو العنصر الخطير، ثقافة الاستهلاك ومظاهر الأبهة التي ازدهرت تلك الفترة والتي تقوم على الربح السريع، واستغلال النفوذ، وتبادل المصالح والخدمات، أي ثقافة: “عطيني نعطيك”، و”غطي عليا، نغطي عليك”، فأصبح الباطن مناقضا للظاهر سواء على مستوى الخطاب الديني أو السياسي أو الحقوقي…
إن الخروج من هذا المستنقع ومن هاته الحلقة المفرغة التي نعيش فيها يكاد يكون مستحيلا، أو على الأقل يتطلب عقودا من الزمن لأن أصعب المعارك هي تلك التي تروم تغيير الذهنيات، كما يتطلب من الدولة المغربية تخليق الحياة العامة بتزامن مع القطيعة مع سياسة الإفلات من العقاب.
وفي انتظار ذلك، لايسعنا نحن المواطنون “الغلابة” إلا نردد الدعاء القائل: إني لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه.

Mohamed

Recent Posts

المنتخب يفوز على ليسوتو بصعوبة

إكسبريس تيفي: مصطفى الفيلالي    حقق المنتخب المغربي انتصاره الثاني تواليا ضمن تصفيات كأس أمم…

9 سبتمبر، 2024

18 حالة وفاة و4 أشخاص في عداد المفقودين جراء الأمطار القوية بعدد من مناطق المملكة

 أفادت وزارة الداخلية في حصيلة محينة للخسائر والأضرار التي خلفتها التساقطات المطرية الرعدية جد القوية…

9 سبتمبر، 2024

جلالة الملك يهنئ الأبطال المغاربة المتوجين في الألعاب البارالمبية باريس 2024

بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، برقيات تهاني وإشادة إلى الأبطال المغارية البارلمبيين…

9 سبتمبر، 2024

جلالة الملك يهنئ البطلة ملاك العلامي بمناسبة فوزها بلقب دوري أمريكا المفتوح لكرة المضرب للشباب

بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى البطلة ملاك العلامي، وذلك بمناسبة فوزها…

9 سبتمبر، 2024

الركراكي يكشف تشكيلة الأسود ضد ليسوتو

إكسبريس تيفي: مصطفى الفيلالي  كشف الناخب الوطني وليد الركراكي تشكيلة المنتخب المغربي التي ستواجه منتخب…

9 سبتمبر، 2024

إدارة السجن المحلي بخريبكة تنفي ادعاءات المعاملات اللاإنسانية وتتوعد باتخاذ إجراءات قانونية

كذّبت إدارة السجن المحلي بخريبكة الادعاءات المتعلقة بتعرض النزلاء لمعاملات لاإنسانية من طرف الموظفين، ووصفتها…

9 سبتمبر، 2024