السياسة المائية .. أمير يدشن ما بناه أبوه الملك وما أسس له جده الملك

السياسة المائية .. أمير يدشن ما بناه أبوه الملك وما أسس له جده الملك

- ‎فيرأي, واجهة
0
WhatsApp Image 2024 06 12 at 14.17.55
إكسبريس تيفي

اكسبريس تيفي _ باحدة عبد الرزاق (رئيس التحرير) 

شكلت سياسة بناء السدود التي قادها جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله ثورة في مجال الأمن المائي، وقلما يوجد في تلك الفترة بلد عربي فطن إلى الدور الاستراتيجي للسدود خلال الستينيات والسبعينيات، كما فطن لذلك جلالته رحمه الله، ولذلك، فإن هذا الإنجاز يعد عملية واسعة في سياق بناء السدود وتدبيرها بشكل محكم مما مكن المغرب، رغم محدودية موارده المائية وعدم انتظامها، ورغم فترات الجفاف التي عرفها، من تجاوز معظم التحديات والإكراهات، ومواكبة الحاجيات المائية المتزايدة وطنيا، بالنسبة للساكنة ولمختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية.

وبالاضافة الى الخصاص الذي كانت تعرفه المملكة للماء وهي خارجة حديثا من ويلات الاستعمار، والطرق التقليدية التي كان يعتمدها السكان لتأمين حاجياتهم من الماء، فإن الحسن الثاني رحمه الله استلهم سياسة بناء السدود من آية قرآنية، وهو ما أشار له جلالته في الخطاب الذي وجهه الى  أعضاء المجلس الأعلى للماء بتاريخ 18 فبراير 1987 بقوله: “وقبل كل شيء نقول فيكم الكلمة التي نريد أن نختم بها هذه الأعمال، رأيت أنه من المستحسن أن نبدأ بآية وجدتها في سورة الحجر، وأنا أتصفح الكتاب الكريم تقول هذه الآية: (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين).

ومع مطلع عقد السبعينات من القرن الماضي بدأ تشييد السدود يتخذ وتيرة شبه سنوية، إذ ما بين سنتي 1967 و1974 تم إنشاء ثمانية سدود تتوزع جغرافيا بين مناطق أهملها الاستعمار، مثل تاوريرت التي رأى النور بها أول سد عصري سنة 1967، وأطلق عليه اسم محمد الخامس لكن تبقى سنتا 1985 و1986 الأكثر إنجازا من حيث عدد السدود التي تم تشييدها، فسنة 1985 وحدها سُجل بها تشييد 7 سدود، أما سنة 1986 فتظل الأكثر غزارة من بين كل السنوات من حيث عدد السدود التي تم تشييدها، ففي هذه السنة تم بناء 14 سدا.

ومنذ اعتلائه لعرش المملكة عمل جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على وضع استراتيجيات متنوعة لتأمين المياه الصالحة للشرب، والمياه الخاصة بسقي الاراضي الفلاحية والمساحات الخضراء، خصوصا مع التقلبات الجوية والمناخية التي اصبحت تهدد العالم بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وتبقى سياسة بناء السدود من اهم المشاريع العملاقة التي يستمر جلالته في بنائها ليصل عدد سدود المملكة الى 152 سد، من اجل زيادة قدرة التخزين لتصل ل 6,6 مليار مكعب من المياه العدبة.

كما اعتمد جلالته سياسة اخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، وهي سياسة تثمين المياه العادمة، وهي مياه الواد الحار التي يتم الاستفادة منها عن طريق تجميعها وتدويرها ومعالجتها وتطهيرها بدل التخلص منها وهذا في اطار برنامج وطني رائد يعد من بين البرامج الكبرى في العالم لتطهير السائل،  وهذ المياه تستعمل في سقي النباتات والمساحات الخضراء ولا تستعمل للشرب حاليا، ولكن هذا الامر ممكن مستقبلا.

وبفضل نظرته الاستباقية قام جلالته باعطاء انطلاقة مشاريع الربط بين السدود بواسطة الطريق السيار المائي، وكان أولها انشاء الطريق السيار المائي بين سبو أبي رقراق الذي تم انجازه في غشت 2023، حيث وصلت رسميا المياه القادمة من حوض سبو الى حوض ابي رقراق، وهذ التجربة الناجحة ستستمر، وفي العملية المقبلة سيتم تمديد قنوات الربط الجهوية التي ستصل الى سد المسيرة في اتجاه الحوض المائي لتنسيفت، ويراهن المغرب على انجاح هذا المشروع في وقت قياسي من أجل نقل الفائض المائي الذي يضيع في البحر الى السدود، وأيضا ربط السدود بعضها ببعض في جو تضامني بين الجهات الغنية بالمياه والجهات التي تعاني من الجفاف.

هذا بالاضافة الى سياسية الاستمطار الصناعي للسحب التي يعتمد عليها المغرب بدرجة أقل، لكن تبقى سياسة بناء محطات تحلية مياه البحر من أهم الحلول التي يعتمدها المغرب، بفضل التوجيهات السامية للصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بحيث تتوفر المملكة على 14 محطة كتغطي حاجيات مدن مغربية عديدة من الماء الشروب من شمال المغرب الى جنوبه واخرها هو تدشين صاحب السمو الملكي الامير مولاي الحسن لمحطة لتحلية المياه كبيرة بمدينة الدار البيضاء، التي ستجعل المغرب على موعد مع نهضة جديدة في مجال انتاج هذه المادة الحيوية وضمان الامداد المستدام للبيوت والحقول الزراعية والمصانع والمناطق الخضراء بالمياه القابلة للاستعمال، واستباق العجز والفقر المائيين اللذان يهددان مناطق كثيرة في العالم. 

ولعل تدشين صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن لمحطة تحلية المياه بمنطقة المهارزة بجهة الدار البيضاء، ذات دلالات كبيرة على أن السياسية المائية تحظى باهتمام كبير من المؤسسة الملكية الشريفة، ويتجلى ذلك في حرص جلالة الملك نصره الله على اشراك ولي عهده حفظه الله في تدشين المشاريع العملاقة في المجال، وهذا بفضل حكمة جلالته ونظرته الاستباقية لتأمين الماء الصالح للشرب والمياه المخصصة لسقي الاراضي الفلاحية والمساحات الخضراء، والانتاج الصناعي.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *