قيس سعيد: الشاعر السياسي الذي يعيد كتابة تاريخ تونس بمداد الاستبداد

قيس سعيد: الشاعر السياسي الذي يعيد كتابة تاريخ تونس بمداد الاستبداد

- ‎فيرأي, واجهة
img 1721493714642
إكسبريس تيفي

باحدة عبد الرزاق

من بعيد، نتابع بقلق وحيرة ما يجري في تونس الشقيقة، تلك البلاد العربية التي كانت يومًا مهد الربيع العربي، واليوم، يبدو أن فصلاً جديدًا من تاريخها يُكتب بمداد القهر والاستبداد على يد رجل يشبه في خطابه شعراء العصور الغابرة.

قيس سعيد أو متنبي تونس كما يحلو للبعض تسميته، بلغته المنمقة وأسلوبه البلاغي، يعلن ترشحه لولاية رئاسية جديدة، متحدثًا عن “نداء الوطن المقدس” و”معركة التحرير الوطني”، في مشهد يليق بأبيات المتنبي الفخمة وكأنه يردد: “الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني … والسجنُ والنفيُ والمعارضون كذلك”.

ولكن، ما يثير القلق حقًا هو ما نسمعه عن وضع المعارضة في تونس الشقيقة، فمنذ أن استولى سعيد على كامل السلطات في 2021، بدأنا نسمع عن اعتقالات واسعة في صفوف المعارضين. من راشد الغنوشي إلى عبير موسي، ويبدو أن قائمة المسجونين والممنوعين من المشاركة السياسية تطول يومًا بعد يوم.

منذ فبراير الماضي، تم سجن نحو عشرين معارضًا وشخصية بارزة، وصفهم سعيد بـ”الإرهابيين”، ووجهت إليهم “تهمة التآمر ضد أمن الدولة”. وقد نددت منظمات حقوقية، من بينها منظمة العفو الدولية، بـ”حملة مطاردة للسحرة بدوافع سياسية”.

ومن المؤسف أن نرى بلدًا عربيًا شقيقًا، كان يُنظر إليه كنموذج للتحول الديمقراطي، يتراجع بهذا الشكل، فعندما نسمع عن منع مرشحين من السفر، أو سجن آخرين بتهم غامضة مثل “التآمر ضد أمن الدولة”، لا يسعنا إلا أن نتساءل: أين ذهبت آمال الربيع العربي؟

إن ما يحدث في تونس اليوم يذكرنا بمقولة شهيرة: “السلطة المطلقة تفسد بشكل مطلق”. فبينما يتحدث سعيد عن محاربة الفساد، نرى ممارسات تثير الشكوك حول نزاهة العملية السياسية برمتها.

ومع ذلك، فإننا كمراقبين من الخارج، نأمل أن تجد تونس الشقيقة طريقها نحو الاستقرار والديمقراطية الحقيقية، مما من شأنه أن يخدم الوحدة وتقارب الدول والشعوب في شمال افريقيا، أن تتخلص من قيس الذي يستمد قوته الاستبدادية من جيرانه العجزة الذين يعيشون على أحقاد الماضي وخلق الفتن مع دول الجوار تحت شعار “المؤامرة”، فتونس كبلد عريق يستحق قيادة تحترم تطلعات شعبه وتحافظ على مكتسباته الديمقراطية.

في النهاية، نتمنى أن يدرك قيس سعيد أن التاريخ لا يُكتب بالخطب الرنانة والشعارات الفضفاضة، بل بالأفعال التي تخدم الشعب وتحمي حرياته، فتونس الشقيقة تستحق أكثر من مجرد “شاعر سياسي” يحكمها بقبضة من حديد.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *