ربع قرن من الإصلاح والتجديد: خطة ملكية لإشراك المرأة في التنمية

ربع قرن من الإصلاح والتجديد: خطة ملكية لإشراك المرأة في التنمية

- ‎فيواجهة, رياضة
0
img 1721562055654
إكسبريس تيفي

إكسبريس تيفي: مصطفى الفيلالي 

بدا الملك الشاب محمد السادس منذ الوهلة الأولى التي اعتلى فيها عرش أسلافه سنة 1999، واعيا بضرورة الحسم في مجموعة من القضايا المصيرية، من أبرزها إصلاح فانون أحوال الأسرة في المغرب، دونما إغفال عن وجوب رفع الحيف عن النساء ترسيخا لمفهوم الديموقراطية.
بصمة ملكية حداثية لم تنسَ يوماً دور المرأة في المجتمع، بل مكنتها من حقوقها ورفعت عنها كل ما طالها من حيف قانوني ومجتمعي وتشريعي في زمن مُشبع بالانقسامات بين قطبي المشهد الإيديولوجي والسياسي في البلد، ثم راحت لتطلق مشروع “الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية” والذي كان نتيجة عمل جماعي شاركت في بلورته القطاعات الوزارية المعنية إلى جانب فعاليات المجتمع المدني والخبراء، واستغرق تحضيره قرابة سنة كاملة، وجاء تنزيلاً للالتزامات المنصوص عليها في التصريح الحكومي الذي تمت المصادقة عليه في اجتماع وزاري ترأسه الملك الراحل الحسن الثاني، وهو ما يعني أنه وضع أمام ابنه ولي العهد أنذاك قبيل رحيله، أول امتحان اعتمد ولأول مرة مقاربة حقوقية لأوضاع المرأة المغربية وتركيز على إحقاق المساواة بين الجنسين من خلال اعتماد المفهوم الكوني لحقوق الإنسان والتصدي للهيمنة الذكورية.
خطوة أولى للملك الشاب أفرزت وقتها خروج الإسلاميين احتجاجًا على الخطة لا لمناهضتها بل لإبراز قوتهم. فما اقترح اصطدم بتصورين متناقضين، الأول يعي جيداً دور المرأة وقضاياها التي ترهن مصير المغرب بين الأمم، والثاني يدافع على تكامل أدوار 
الجنسين مع التركيز على مكانة المرأة التقليدية داخل البيت. 
ووسط تصادم التيارين الإسلامي والحداثي، لجأ الملك إلى تعيين محمد بوستة خلفا للضحاك على رأس اللجنة المذكورة، ورغم استمرار “البلوكاج” تدخل الملك “شخصيا” وصدرت مدونة الأسرة بنفس حديث سنة 2004 انتصرت لحقوق المرأة ضد النص القديم، ولمفهوم دولة القانون، ما لقي قبول مجمل مكونات الشعب الذين عبروا عن رضاهم التام على التوجهات الحداثية للملك الشاب الذي شدد في خطابه سنتها بمناسبة عيد العرش على أن الإصلاحات التي شهدتها المدونة “مكاسب للمغاربة أجمعين”، ولا يمكنه بصفته أميرا للمؤمنين أن “يحل ما حرم الله أو يحرم ما أحله”.
خارطة طريق نتاج رؤية ملكية متبصرة فسحت مجال العلوم بكل مشاربه، أمام النساء بما فيه الفقه والعلوم الشرعية الذي كان محصورا على الرجال حين سمح لرجاء الناجي مكاوي، أول امرأة مغربية تحصل على دكتوراه الدولة في القانون بأن تكون أول امرأة تلقي درسا من الدروس الحسنية أمام جلالته وأمام نخبة من رجال العلم والسياسة ويكون بذلك قد أطلق عهدا جديدا من تأنيث الفعاليات الدينية الإسلامية داخل المغرب وخارجه.
 وفي عام 2005، عادت البصمة الملكية الحداثية من جديد، في خطاب ملكي ألقاه جلالته أعلن فيه عن إقرار حق النساء المغربيات المتزوجات من أجانب منح الجنسية المغربية لأبنائهن، وعلى إثره تم تعديل القانون في عام 2007، ليُصبح للمرأة المغربية المتزوجة من أجنبي حق منح جنسيتها لأبنائها. وتجاوبا مع مطالب الحركة النسائية، دعا الملك محمد السادس إلى رفع تمثيلية النساء في البرلمان، لتكون بذلك سنة 2002 تاريخا مفصليا في هذا المجال إذ تم اعتماد الكوطا، الذي خصص ثلاثين مقعدا للنساء عن طريق اللائحة الوطنية.
كما حرص دستور 2011، على جعل المرأة المغربية شريكا أساسيا في تحمل المسؤولية الأسرية نفسها التي يتحملها الرجل، وتمتعها بصفة المواطنة الكاملة، كما شدد الملك محمد السادس، على ضرورة أن تنال المرأة المغربية جميع حقوقها على قدم المساواة مع الرجل، وذلك عبر دعمه تمدرس الفتيات وتمكين المرأة من الوصول إلى مناصب صنع القرار مع منحها حقوقا جديدة وتقييد تعدد الزوجات وتسهيل الطلاق عند حد التحكيم فقط، بل تم التجاوب مع التطورات التي يشهدها المجتمع، ففي عام 2012 ، أثار انتحار قاصر إثر تزويجها من مغتصبها، غضبا حادا في الشارع أدى إلى احتجاجات بالجملة في عدد من المدن ضد المادة 475 من القانون الجنائي، التي تسمح للمغتصب بالزواج من ضحيته القاصر، وكنتيجة لذلك، تم تعديل الفصل المثير للجدل وتحديدا الفقرة الثانية منه، حين صادق عليه البرلمان بالإجماع في فبراير 2014 . كما أنه، ولأول مرة في تاريخ المغرب، يعين ملك البلاد امرأة في منصب الولاية، ويتعلق الأمر بتعيين زينب العدوي في منصب والية على جهة الغرب الشراردة بني حسن في 2014، إلى جانب مجموعة من التعيينات التي همت عددا من الولاة والعمال من بينهم ثلاث سيدات وعدد من الأطر الشابة، حيث تمت مراعاة عنصر التشبيب والتمثيلية النسائية. وبقرار ملكي، تم السماح للمرأة المغربية سنة 2017 بولوج مهنة “العدول” التي كانت حكرا على الرجال، ما يؤكد حرص جلالته على إنصاف النساء وجعلها فاعلاً رئيساً في طريق تنمية المغرب. 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *