سعيدة بوعياش
لا يمكن للمرء إلا أن يقول “باز”، بالعامية التي درج عليها المغاربة، وهو يرى جماعة العدل والإحسان تحتفي بأشخاص مدانين في قضايا الاغتصاب وهتك العرض واللواط ووطء الحامل ونكاح المرأة الحائض.
فما أفردته جماعة العدل والإحسان لتوفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي، تحديدا دون غيرهم، هو ضرب من ضروب التقية غير الشرعية، التي تتقاطع فيها الجماعة مع الشيعة الروافض، والتي ينسبون فيها الكذب والنفاق لدين الله ظلما وعدوانا.
لكن دعونا نتساءل بمفهوم المخالفة، ماذا لو كانت جماعة العدل والإحسان هي من تمسك بمقاليد الحل والعقد وفق أوهام القومة، هل كانت الجماعة ستقيم حد الزنا واللواط على توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي؟ أم أنها كانت ستحتفي بهم، مثلما تفعل اليوم، باعتبارهم أبطال “البؤرة شبه العائلية”؟
وهل كان أخلاف عبد السلام ياسين، إن استقرّ لهم حكم القومة، سوف يرجمون سليمان الريسوني، ويعزرون توفيق بوعشرين، ويقيمون الحد على عمر الراضي، وفق منهج الخلافة الذي كانوا يطالبون به؟ أم أنهم كانوا سينثرون الورد الأحمر على شرشفة الجنس المنبعث من تبان المغتصبين، مثلما يقومون بذلك اليوم.
لكن يبدو أن جماعة العدل والإحسان فقدت منهاج الخلافة وتطبعت حد التحليل مع جرائم الخيانة الزوجية والفساد والاغتصاب واللواط في صفوف أتباعها ومريديها. وما فعلته سابقا في فضائح مماثلة مثل قضية نادية ياسين ومصطفى الريق ومحمد أعراب باعسو وغيرهم… هو تكريس لهذا التطبيع غير الشرعي، وهو أيضا غطاء شرعي من الجماعة لانحرافات الأتباع والمريدين.
ولا مراء إن وجدنا اليوم جماعة العدل والإحسان هي أول المحتفين بهؤلاء المدانين في جرائم الاغتصاب، وهي أول من تقلب موقعهم القانوني من مدانين حقيقيين إلى ضحايا مفترضين.
وحال أتباع جماعة العدل والإحسان ليس ببعيد عن حال رفاق عزيز غالي وكورال الطابور الخامس، ممن يظهرون فقط في القضايا الجنسية المشبوهة، ويغيبون عن القضايا الوطنية الحاسمة التي تهم المغاربة، شأنهم في ذلك شأن ثعلب محمد زفزاف في روايته الشهيرة ” الثعلب الذي يظهر ويختفي”.
وهنا نتساءل مع هؤلاء “الطوابرية”: هل تضامنهم مع توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي هو تضامن غير مشروط مع الاعتداءات الجنسية أم هو تضامن مبدئي مع الجسم الصحافي؟ وفي هذه الحالة الأخيرة: كيف كانت ستكون ردة فعل الطوابرية لو أن الصحفي مرتكب الاعتداء الجنسي مقرب من الدولة أو محسوب على الإعلام العمومي؟
بدون شك، كانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سوف تقيم المشانق، وتنصب المخانق، وتشحذ أنصال السيوف، للقصاص من الصحفي المعتدي جنسيا! أما وأن مرتكب هذه الاعتداءات في الحقيقة هم صحفيون مقربون من الطابور الخامس، فقد لجأ رفاق عزيز غالي لتسريب شكاية حفصة بوطاهر للمشتكى به، وطمس شكايتها، والتضامن مع سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين في تصرف أرعن يساعد على الإفلات من العقاب.
وفي المحصلة، فالعبرة في التضامن عند جماعة العدل والإحسان وأزلام الطابور الخامس هو بصفة وانتماء وخلفية الشخص المعني بالتضامن! فإذا كان من المقربين ومن متعددي الولاءات فهو أولى بالتضامن حتى ولو اغتصب عشرات النساء، أو هتك أعراض القاصرين والرشداء.
أما إذا كان من المحسوبين على الدولة، حتى وإن توافرت فيه صفة صحفي مثل توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي، فإنه سيخضع للتشهير والتجريم والوأد في شبكات التواصل الاجتماعي حتى قبل عرضه على المحاكمة. إنها عدالة العدل والإحسان وأذناب الطابور الخامس.