لا وساطة دون حماية المدافعين الحقوقيين

لا وساطة دون حماية المدافعين الحقوقيين

- ‎فيعلى مسؤوليتي, واجهة
MANOUZI3
إكسبريس تيفي

لن يمل المواطنون من تكرار أن الوطن في حاجة إلى ضرورة سن استراتيجيا وطنية لحماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان من جميع أنواع الإعتداءات والإنتهاكات ، مرافقة لاستراتيجيا تحصين المكتسبات وتفعيل الإلتزامات ودسترة ضمان الحقوق وصون الحريات ، وكل هذا في سياق تأطير الحقل الحقوقي وتأهيل الفاعلين والفاعلات كي يجودوا أدوارهم في المجال . ولطالما جددنا هذه المطلب ، بل عمدنا وبادرنا إلى وعلى دعم وتأسيس المنتدى المغربي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وذلك في يوم 16 شتنبر 2012 ، بقيادة شبابية وبمقاربة نوعية اجتماعيا ، وكان الهدف مرافقة جيل ما بعد حلول العهد الجديد ، أغلبهم من مواليد بداية الثمانينيات ، في سياق تجديد النخبة ، ومن باب رد الإعتبار للوساطة المؤسساتية ، لأنه ينبغي الوعي بأن الوساطة مسألة حيوية وضرورية في حالة الأزمة أو في حالة الرغبة في رفع التوتر أو الحد من التأزيم ، وقد عايشنا تجربة حراك الريف والاحتجاجات بالمدن المحيطية ، وعلى الصعيد الوطني ، فقد غاب المخاطِب والمخاطَب بغياب الوساطة أو بسبب تبخيسها ، لكن في حالتنا التي دعت فيها مجموعة من المهتمين بالشأن العام الإقتصادي والسياسي الى تعليق مقاطعة منتوجات شركة فرنسية لتمكين هذه الأخيرة من ” تسوية ” وضعية التسعيرة ، في حالتنا هاته يطرح سؤال الصلاحية المؤسساتية والنجاعة المهنية معا ، فبالرغم من أن الحق في الإختلاف والمبادرة مكفول دستوريا لجميع المواطنين وطبقا لمقتضيات إقتصاد السوق، فإنه كان من المفترض في المبادرين ، قبل الموقعين والملتحقين ، أنهم إستحضروا أن الوساطة التي يباشرونها هي بين الرأي العام المقاطع وبين الشركة الأجنبية ،وبأن هذا الدور لابد ان يستشار فيه ذوو المصلحة والصفة ، لأجل ضمان تنفيذ الإلتزامات من قبل كلا الأطراف ، ليؤكد ان العملية جد معقدة ، وفوق حقوقية أو ثقافية ، خاصة وأن من دعا إلى المقاطعة ليس معلوما بما يكفي ، حتى يتم ترتيب المسؤوليات والجزاء ، بغض النظر عن حصول أمر واقع غير مسار العمليةبرمتها ، وعلى الخصوص بعد صدور القرار الجنائي ، عن إستئنافية الدارالبيضاء ، في ملف حراك الحسيمة ، وخروج مسيرات تضامن او إحتجاج وهناك ، مما يستدعي مزيدا من الحوار والتدقيق ، لأن دور الوساطة ، في مثل حالتنا ،يتطلب الحذر من التطاول على اختصاصات مؤسساتية أومهام يؤطرها القانون او العرف في مجال المعاملات المالية والإقتصادية ، وهي أدوار عادة ما تقوم بها هياكل ما فوق وطنية ، تسمى في قاموس الإقتصاد السياسي بالكمبرادور ، مادام يتعلق الأمر بشركة أجنبية ، بعد تفويت حصص الرأسمال الوطني كليا او جزئيا . لذلك تقتضي الشفافية دخول الدولة او الحكومة على الخط وكذا المؤسسات والهيئات المفترض فيها تمثيل أو تقدير السيادة الوطنية والمسؤولية الإجتماعية ؛ وإلا سيقع الجميع فريسة تجريبية ومغامرة سياسية غير مضمونة العواقب ، فالأمر يتطلب اكثر من مجرد مبادرة ، ولو بنوايا حسنة ، وأكثر من مجرد تدبير مفوض مجهول المصدر . وهاهي التجربة تتكرر بمناسبة تداعيات تقرير منظمة العفو الدولية حيث بدت في الأفق ملامح حرب اقتصادية وتجارية ومالية في لبوس تنافسي ومخابراتي لها ما بعدها على مستوى الوقع الحقوقي والسياسي والأمني العابر للقارات ، والذي سينعكس لا محالة على الوضع الوطني ، خاصة في علاقته مع فوبيا الردة الحقوقية بما يعنيه إجهاض إرهاصات عودة البعد الاجتماعي في الهويات الحزبية والجمعوية الحقوقية ولما لا في السياسات العمومية ، إثر زمن كورونا ، وتبعا لذلك استمرار هيمنة المقاربة الأمنية على حساب المقاربة التنموية الفتية ، بما يبرر للنزعة الشعبوية بتأجيل اللحظة الديموقراطية ، والتي لا يمكن تعويضها بلحظة التعبير العابرة للمواقع الإجتماعية والمنابر المفتعِلة للحرية الإفتراضية أو الحالمة غير المنضبطة . فمتى سنحول الإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان إلى إلتزامات وممارسات اتفاقية ؟

ذ. مصطفى المنوزي

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *