تمكنت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من توقيف أحد العناصر الحاملة للفكر المتشدد، الخميس، وذلك في سياق العمليات الأمنية المتواصلة لمواجهة وتحييد الخطر الإرهابي الذي يحدق بأمن المملكة وسلامة المواطنين.
وذكر بلاغ لقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أنه حسب المعلومات الأولية للبحث، فإن الشخص الموقوف الذي يبلغ من العمر 19 سنة وينحدر من “قصر أمالو” بالريش (إقليم ميدلت)، أبدى عزمه تنفيذ مخططات إرهابية تستهدف المس الخطير بسلامة الأشخاص والنظام العام.
وأضاف المصدر ذاته أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيه تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي الذي تجريه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب، وذلك للكشف عن كافة الأنشطة المتطرفة المنسوبة له، وتدقيق ارتباطاته المحتملة مع مختلف التنظيمات الإرهابية.
ويأتي هذا التدخل الفرقة الوطنية في إطار جهود المملكة المغربية في محاربة الارهاب والتصدي لكل أشكال التطرف، بفضل النظرة الأستباقية للمديرية العامة للأمن الوطني، ومراقبة التراب الوطني.
صنف تقارير حديثة الصدور لعديد معاهد الأمن والسلم المملكة المغربية في خانة الدول “المنعدمة التأثير”، أي التي لا تواجه أي تهديدات إرهابية، آخرها معهد الاقتصاديات والسلام الأسترالي للأبحاث الذي وضع المغرب في المرتبة 89 عالميا، أي المرتبة الأخيرة (إلى جانب العديد من الدول)، علما أن الدول صاحبة المراكز الأولى هي التي تعاني أكثر من الإرهاب.
ويصنف “المؤشر العالمي للإرهاب لسنة 2023″، 163 دولة وفقا للخسائر التي طالت كل منها بسبب الحوادث الإرهابية، من حيث عدد الحوادث والوفيات والمصابين والخسائر في الممتلكات، ويستند المؤشر الذي أنشئ سنة 2012 إلى معلومات تجمعها “قاعدة بيانات الإرهاب العالمي” التابعة لجامعة ميريلاند الأميركية.
هذه المكتسبات هي ثمرة عمل دؤوب وتفان كبير يقوده المدير العام للأمن الوطني تحث القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من خلال لقاءات عمل وندوات وزيارات وتبادل البعثات، ومشاركة التجارب وتقاسم الخبرات مع عديد الدول الرائدة في المجال، آخرها “لقاءات عمل” عبد اللطيف حموشي يوليوز الماضي بمسؤولين ألمان بارزين في مختلف الفروع الأمنية والجنائية، على رأسهم ديتر رومان، رئيس الشرطة الفيدرالية الألمانية، وهولغر مينش، رئيس المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية، دون إغفال ملاقاة المسؤولين الأمنيين الألمان المتخصصين في مكافحة الإرهاب والأمن الرياضي.
وكانت مكافحة التهديد الإرهابي نقطة أخرى مهمة في التعاون الأمني بين الرباط وبرلين تعززت بـ”زيارة خاصة” للوفد المغربي إلى مقر المركز المشترك لمكافحة الإرهاب بمدينة برلين، اطلع خلالها على آليات عمل المركز في التنسيق بين مختلف أجهزة الأمن الألمانية، وسبل التعاون الممكنة في هذا الإطار مع مصالح الأمن المغربي في مجال مكافحة مخاطر التهديد الإرهابي في بعده العابر للحدود.
وفي الأسبوع الماضي أعلن التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب وصول العقيد حسن داقش، ممثل المملكة المغربية لدى التحالف، إلى مقر هذا الأخير في العاصمة السعودية الرياض.
وأكد اللواء الطيار محمد المغيدي، الأمين العام للتحالف سالف الذكر، بهذه المناسبة، إن “وصول ممثل المغرب إلى مقر التحالف من أجل العمل مع ممثلي دول الأعضاء في التحالف يشكل خطوة مباركة من القيادة المغربية، استشعارا منها بأهمية المشاركة الدولية في محاربة الإرهاب ونبذ التطرف.
فكانت المملكة المغربية دائما عضوا فعالا في المنظمات الإقليمية ومنخرطة في الجهود الإقليمية والدولية للتصدي للإرهاب والتطرف، وتدفع في اتجاه تعزيز التعاون المؤسساتي على الصعيد الدولي لمكافحة الإرهاب ونبذ التطرف. حيث تلعب المملكة المغربية دورا رياديا داخل التحالف بالنظر للخبرة الأمنية التي راكمها والتجربة التي يتوفر عليها في مكافحة الجريمة الإرهابية وتجفيف منابع الإرهاب.
كما تعكس مشاركة المملكة المغربية وانخراطها الفعلي في مثل هذه المناسبات أهمية توحيد الرؤى وصياغة استراتيجيات مشتركة لمكافحة الإرهاب في العالم الإسلامي، خاصة أن هناك العديد من المناطق التي تعرف وجود جماعات إرهابية في المنطقة العربية والإسلامية لا سيما في أفغانستان وباكستان وفي منطقة وسط وغرب آسيا.
إن الجهود والاستراتيجيات المغربية لمحاربة الإرهاب تتماشى مع استراتيجية هذا التحالف المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي، فعضوية المغرب في هذا التحالف جاءت من منطلق دعم الرباط لجهود الدول العربية والإسلامية في هذا الإطار.
إن موقف المغرب الحاسم في مكافحة الإرهاب يجعل فعاليته الأمنية مطلوبة على المستوى الدولي، وهو ما يبرز قدرة الدول التي ينسق معها على تشديد الخناق على العمليات الميدانية، فالضربات الموجعة التي تلقاها عديد الدول تدفعها للانفتاح على الخبرة المغربية، للتصدي لهذه الآفة والتي تمس سلامة الأفراد والمجتمعات والمؤسسات. كون الرباط لها الإمكانيات الكافيّة لتلاحق الإرهابيين، بدليل أن معظم عمليات التنسيق الدولي التي شارك فيها المغرب أعطت أكلها في نسف العمليات الانتحارية والتفجيرية من خلال مبادرة المغرب للانخراط في أي تنسيق يتم في إطار قانوني وتنظيمي، لأن منطق محاربة الإرهاب يخرج عن منطق الاصطفافات.
إن تأكيد حلف الشمال الأطلسي، ضمن التقرير السنوي لأمينه العام ينس ستولتنبرغ، أنه يتشاور مع المغرب، يجعل عديد الدول على دراية يقينية بدور الرباط في هذا الباب على المستوى الدولي، كلما طُلب منها التدخل فهي تقوم بذلك بشكل مباشر، لأن الإرهاب عدو مشترك، وتصديا له بذل المغرب جهوداً جمّة لسدّ منافذه وتتبع الإرهابيين وشلّ تحركاتهم ونسف منابع تمويلهم، بالنظر ليقظة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية التي راكمت خبرة كبيرة منذ أزيد من 20 سنة وأصبحت مرجعاً في هذا الباب.