يثير مشروع قانون التعليم الأساسي في جنوب إفريقيا، الذي اعتمدته الجمعية الوطنية، جدلا واسعا داخل المجتمع والأحزاب السياسية، حيث اعتبره البعض “هجوما على اللغة الأفريكانية”.
وفي الوقت الذي يستعد فيه الرئيس سيريل رامافوسا للتصديق على مشروع القانون المثير للجدل الجمعة، هدد حزب التحالف الديمقراطي، الذي يتولى ست حقائب وزارية بالانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد الانتخابات العامة الأخيرة.
وأشار زعيم الحزب، جون ستينهاوزن، إلى أن مستقبل الحكومة الائتلافية قد يكون مهددا، قائلا: “يجب على التحالف الديمقراطي أن يدرس جميع الخيارات الممكنة إذا وقع رامافوسا على مشروع قانون بيلا”.
وفي خضم هذه التطورات، احتشدت مظاهرات أمام البرلمان، حيث صودق على مشروع القانون الذي يعدل قوانين التعليم الأساسي، والمعروف أيضا باسم مشروع قانون “بيلا”، بـ 223 صوتا مقابل 83، وسط مخاوف أعربت عنها عدة منظمات وأحزاب سياسية، من بينها “كيب فوروم”، و”أفري فوروم”، و”سوليداريتي”، و”التحالف الديمقراطي”، وفصائل أخرى.
وقد تعهد التحالف الديمقراطي، الذي كان الحزب الرئيسي للمعارضة قبل دخوله الحكومة، ومنظمة “أفري فوروم” بالطعن في مشروع القانون أمام المحاكم وصولا إلى المحكمة الدستورية.
ويكمن الاستياء والاعتراض في أن مشروع القانون ينص على أن يقدم مجلس إدارة المدرسة السياسة اللغوية للمدرسة العمومية وأي تعديلات عليها إلى رئيس القسم للموافقة عليها.
ووفقا لمشروع القانون، يجب أن تأخذ السياسة اللغوية في الاعتبار أيضا “الاحتياجات اللغوية للمجتمع في نطاقها الواسع”، وهو ما يعتبره المعارضون هجوما على المدارس التي تدرس باللغة الأفريكانية، وهي لغة ذات أصل هولندي تحتوي على كلمات مستعارة من لغات أخرى، بما في ذلك الألمانية.
ويعتبر البعض أن مشروع القانون هجوم مباشر على التعليم باللغة الأفريكانية، سيكون له عواقب سلبية للغاية على جودة التعليم في المدارس الأحادية اللغة الأفريكانية بشكل خاص، ولكن على المدى الطويل أيضا على جميع المدارس في جنوب إفريقيا.
وترى هذه الأصوات أن مشروع قانون “بيلا” سيفرض ما ناضل كثيرون بشدة من أجل إلغائه: مركزية السلطة من قبل الدولة وسياسة تعليمية بطابع “البانتو” تفرض لغة معينة للتعليم في المدارس.
وقد سارعت بعض المنظمات غير الحكومية مثل “أفري فوروم” الى التعبير عن رفضها لهذا النص القانوني الجديد الذي، كما تقول، يحرم المدارس وأولياء الأمور والمجتمعات من سلطتهم، ويفشل في معالجة أي تحد من التحديات النظامية التي تعوق توفير تعليم عالي الجودة في البلاد.
وأشارت ألانا بايلي، المسؤولة عن الشؤون الثقافية في “أفري فوروم”، إلى أن المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم يريد تنفيذ هذا بأي ثمن، وللأسف “سيكون ذلك على حساب شباب البلاد، وخاصة الناطقين بالأفريكانية”.
وفي السياق ذاته، حث العديد من زعماء الأحزاب السياسية رامافوسا، رئيس الدولة ورئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، على إعادة مشروع قانون “بيلا” إلى البرلمان ليتم تعديله بحيث يتوافق مع الدستور.
ويتحدث حوالي 13,5 في المائة من سكان جنوب إفريقيا، أي 7 ملايين شخص، اللغة الأفريكانية كلغة أولى، مما يجعلها ثالث أكثر اللغات الأم تحدثا في البلاد بعد الزولو والهوسا.
ويتم التحدث باللغة الأفريكانية بالإضافة إلى جنوب إفريقيا، في بلدان أخرى من جنوب القارة الإفريقية مثل ناميبيا، وبوتسوانا، وزامبيا، وزيمبابوي.