الجزائر: انتشار الملاريا والأوبئة الفتاكة في الجنوب يربك تبون والكابرانات

الجزائر: انتشار الملاريا والأوبئة الفتاكة في الجنوب يربك تبون والكابرانات

- ‎فيواجهة, دولي
الملاريا بالجزائر
إكسبريس تيفي

تعيش الحكومة الجزائرية في حالة من الارتباك داخل قصر المرادية بعد الانتشار السريع لداء الملاريا في المناطق الجنوبية، مما أثار موجة من القلق والتساؤلات حول مدى جاهزية النظام الصحي في البلاد. في ظل تضارب الأرقام والمعلومات حول عدد الوفيات والإصابات، وأمام تصريحات شهود عيان تناقض تطمينات الجهات الحكومية، تجد وعود الرئيس عبدالمجيد تبون التي أطلقها خلال حملته الانتخابية في اختبار حقيقي.

مجلس الوزراء اجتمع لبحث الوضع الصحي في مناطق الجنوب مثل برج باجي مختار، عين قزام، وتيمياوين، حيث استعرض الوزراء التدابير المتخذة للحد من تفشي الأوبئة، مشيرين إلى تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية. ومع ذلك، تظهر مؤشرات تدل على الارتباك الحاصل في اتخاذ القرار، ما بين محاولات تطمين المواطنين والواقع المعاش الذي يعكسه شهود العيان.

في زيارة وصفها البعض بالمتأخرة، توجه وزير الصحة عبدالحق سايحي إلى برج باجي مختار لتفقد الوضع الصحي. أعلن الوزير أن الإصابات بالملاريا قد تراجعت، مستشهدا بتسجيل 24 حالة جديدة، بعد أن كانت تتجاوز 127 حالة في الأيام السابقة. كما كشف عن مشروع لبناء مستشفى بسعة 60 سريرا لتخفيف الضغط عن القطاع الصحي المتدهور في المنطقة، وزيادة الدعم بسيارات إسعاف.

ورغم تلك التطمينات، لا يزال الوضع في الجنوب خطيرا وفقا لمصادر محلية. شهود العيان ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى رسائل من الأعيان المحليين، تشير إلى تمدد العدوى إلى مناطق مجاورة، مما يستدعي تدخلا مركزيا عاجلا. وبات الجدل حول الفوارق التنموية بين شمال وجنوب البلاد أكثر إلحاحا، حيث يتهم السكان السلطات بتجاهل مناطق الجنوب رغم أهميتها الإستراتيجية على الحدود مع دول الساحل الأفريقي.

وسط هذا الارتباك، برزت انتقادات حادة للخطاب الرسمي الذي يروج لفكرة أن الجزائر تملك أحد أفضل الأنظمة الصحية في القارة، وهو ادعاء تكرره السلطة على لسان الرئيس تبون. ورغم إنشاء هيئة للأمن الصحي منذ عام 2020، إلا أن تفاقم الوضع الحالي يعكس عجزا في توفير الرعاية الصحية لسكان المناطق المتضررة، وخاصة في الجنوب، حيث تظهر الصور والتسجيلات مشاهد مؤلمة لدفن الموتى في ظل ظروف صحية متردية.

وفي حين تؤكد وزارة الصحة على متابعة يومية للوضع الوبائي، وانتشار فرق طبية إلى المناطق المتأثرة، تبقى الحقائق على الأرض مغايرة. السكان يشكون من قلة الخدمات والتأخر في إرسال المساعدات من المحافظات الكبرى. الوضع يستدعي تدخلا واسع النطاق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تلك المناطق.

قضية التوازن التنموي والتوزيع العادل للثروة بين الشمال والجنوب لم تعد مجرد مطلب محلي، بل أضحت ضرورة وطنية، خاصة مع استمرار الاضطرابات في دول الساحل وتأثيرها المباشر على الجزائر. يبدو أن الارتباك داخل قصر المرادية ينعكس على الأداء الحكومي الميداني، حيث تتصاعد الأصوات المطالبة بحلول جذرية بدلا من التطمينات المؤقتة.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *