نجيبة جلال
أينما حل موكب جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، تجد في استقباله آلاف المواطنين الذين يتوافدون طواعية لتحيته، دون إكراه أو إجبار. تعلو هذه المشاهد أصوات الزغاريد والهتافات الممجدة للملك، مصحوبة بالتصفيق الحار، في أجواء عفوية تثير حنق الحاقدين وتزيد من غيظ المتربصين.
هذه المظاهر الصادقة من الولاء تغيظ أولئك الذين في قلوبهم مرض، وتلهب حقد أعداء الوحدة الترابية وأذنابهم، سواء في الداخل أو الخارج. فيترصدون أي حادث عابر – مهما كان بسيطا ويتم احتواؤه بسرعة من قبل قوات الأمن – ليضخموه ويطلقوا العنان لآلتهم الدعائية في نسج الأكاذيب حول استهداف مزعوم للموكب الملكي.
لكن، كما قال تعالى: “تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” [البقرة: 111]. فمهما حاولوا، تبقى محاولاتهم البائسة مجرد أوهام لا أساس لها من الصحة.
مؤخرا، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لقنينة حارقة تم إلقائها على جانب الطريق الذي يمر منه الموكب الملكي. هذا الحادث الاستثنائي لم يثر قلق الرأي العام ولم يؤثر على سير الموكب الملكي، كما تعامل معه رجال الأمن بكل هدوء واحترافية.
غير أن بعض المرتزقة المعروفين بمواقفهم المناوئة سارعوا، كعادتهم، إلى استغلال هذا الحدث العابر ونشر ادعاءات مضللة حوله. فقد ذهب بعضهم إلى حد وصف القنينة البلاستيكية بـ “القنبلة الحارقة”، كفؤاد عبد المومني ودنيا الفيلالي وعدنان الفيلالي في محاولة لتضخيم الأمر وإثارة البلبلة. واعتبروا أن هذا الحادث ما هو الا تعبير عن غضب الشارع المغربي، رغم أن الأهازيج والاحتفالات كان صوتها يعلو السماء.
في حين أن القنابل الحقيقية ليست سوى الأكاذيب التي يروجها هؤلاء وإدعاءاتهم المكشوفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي تهدف إلى زعزعة الاستقرار وبث الشكوك، لكنها تبقى محاولات بائسة أمام وعي الشعب المغربي وتماسكه.
لم تتأخر التحقيقات في كشف هوية الفاعل، قررت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، يوم الاثنين 14 أكتوبر الجاري، إيداع الشخص الذي رمى بقنينة بلاستيكية مشتعلة قبيل مرور الموكب الملكي، بمستشفى الأمراض العقلية والنفسية الرازي بمدينة سلا، بعد أن أكدت الخبرة الطبية التي خضع لها المعني بالأمر، بأمر من السلطات القضائية المختصة، أنه يعاني من خلل عقلي، وأنه بحاجة للإيداع بمستشفى الأمراض العقلية والنفسية من أجل المتابعة والعلاج.
يذكر أن المشتبه فيه كان قد تم توقيفه من طرف عناصر الشرطة بمدينة الرباط، زوال يوم الجمعة المنصرم، مباشرة بعد رميه لقنينة بلاستيكية صغيرة تضم قطعة قماش ومادة الدوليو التي تسببت في اندلاع شرارة حريق تم احتواؤه في حينه. وحسب مصدر مطلع، فإن المعني بالأمر يبلغ من العمر 25 سنة، وينحدر من جماعة بنمنصور بضواحي مدينة القنيطرة، وأنه كان يشتغل كمياوم في مجال الفلاحة بمسقط رأسه، قبل أن تظهر عليه علامات الخلل العقلي.
ونفى المصدر ذاته، ما اعتبرها “الإشاعات المغرضة التي واكبت هذا الحادث”، خصوصا الأخبار الزائفة التي تعلقت بمهنة المشتبه فيه ودوافع وخلفيات إقدامه على ارتكاب هذا الفعل الإجرامي.
هذا الحادث كشف حقيقة هؤلاء المرتزقة وولائهم للنظام الكابرانات في جارة السوء، فأسلوبهم في التضليل شبيه بالأسلوب الذي تعامل به اعلام المخابرات الجزائرية عندما حاول شاب اعتراض الموكب الملكي في سنة 2017، ليسلم جلالة الملك شكاية قبل أن يتدخل الحراس لإيقافه، حينها روجوا الى أن الحادث محاولة إغتيال.
كثيرة هي الأصوات الحاقدة والمندسة داخل الاعلام الوطني والمجال الحقوقي، تروج خطابا مسموما غايته دفع الشباب الى ما ادعاه فؤاد عبد المومني في تدوينته، كخطاب حميد المهداوي ومحمد المديمي ونجيب حليم، لكن هيهات هيهات، فمهما علت أصواتهم صيصدح الأحرار بصوت الحقيقة عاليا جدا دفاعا عن أمن الوطن ومؤسساته، وحفاظا على وحدته ومكتسباته.
من يسمع حديث المغرضين عن محاولة اغتيال واهية، قد يظن أنها مؤامرة كبرى تهدد أمن البلاد، بينما هي في الحقيقة مجرد جعجعة في فنجان، لا أساس لها من الواقع ولا تؤثر على استقرار الوطن. إن هذا الوطن المبارك سيظل آمنا مطمئنا، بفضل وعي شعبه ويقظة مؤسساته. حفظ الله مولانا الإمام بما حفظ به الذكر الحكيم، ورزقنا دوام الوحدة والتماسك في وجه الأعداء والمتربصين.